للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الزُّورِ (٣٠)} [الحج: ٣٠]، ولا يستقيم في المعنى أن الله أمرنا باجتناب بعض الأوثان، دون بعضها بل أمرنا أن نجتنب جميع الأوثان في قوله: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (٣٠)} [الحج: ٣٠] أي: فاجتنبوا الرجس من جنس وأمثال هذه الأوثان.

المعنى الثاني: أن لفظ (من) تأتي لبيان الجنس ولا يقتصر معناها على التبعيض فقط.

كما في قوله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (٨٢)} [الإسراء: ٨٢].

فهل هناك مسلم عاقل يفهم أن معنى الآية هو أن بعض القرآن شفاء ورحمة، وبعضه ليس كذلك؟

لكن ببساطة سيفهم المسلم أن القرآن كله شفاء ورحمة، وأن الله أكّد في الآية الكريمة السابقة هذه الحقيقة وبينها أتمَّ بيان حتى لا تبقى هناك ثمة شبهة لحاقد أو معاند.

ثالثاً: أن سياق الآية الأولى فيه مدح وثناء على جميع الصحابة، وليس فيه ذم لبعضهم قال الله عز وجل في وصفهم: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا} [الفتح: ٢٩] فزكى الله تبارك وتعالى ظاهرهم بالسجود والركوع والذل له، وزكى باطنهم أيضاً في قوله:

{يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح: ٢٩].

بل إن الله تبارك وتعالى إذا أراد أن يذم أقواماً فإنه يبين ظاهرهم وباطنهم، لأن فساد النية مهما اجتهد صاحبه في إخفائه فإنه لابد وأن يظهر عليه إما في قسمات وجهه أو حركات جسده أو تعابير كلامه.

<<  <   >  >>