للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالشَّاءُ عَازِبٌ حِيَالٌ، وَلا حَلُوبَ فِي الْبَيْتِ؟ فَقَالَتْ: لا وَاللَّهِ إِلا أَنَّهُ مَرَّ بِنَا رَجُلٌ مُبَارَكٌ، مِنْ حَالِهِ، كَذَا وَكَذَا.

قَالَ: صِفِيهِ لِي يَا أُمَّ مَعْبَدٍ.

قَالَتْ: رَجُلٌ ظَاهِرُ الْوَضَاءَةِ، أَبْلَجُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الْخَلْقِ، لَمْ تَعِبْهُ ثُجْلَةٌ، وَلَمْ تُزْرِ بِهِ صَعْلَةٌ، وَسِيمٌ قَسِيمٌ، فِي عَيْنَيْهِ دَعَجٌ، وَفِي أَشْفَارِهِ وَطَفٌ، وَفِي صَوْتِهِ صَحَلٌ، وَفِي عُنُقِهِ سَطَعٌ، وَفِي لِحْيَتِهِ كَثَاثَةٌ، أَزَجُّ أَقْرَنُ، إِنْ صَمَتَ فَعَلَيْهِ الْوَقَارُ، وَإِنْ تَكَلَّمَ سَمَا وَعَلاهُ الْبَهَاءُ، أَجْمَلُ النَّاسِ وَأَبْهَاهُ مِنْ بَعِيدٍ، وَأَحْسَنُهُ وَأَحْلاهُ مِنْ قَرِيبٍ، حُلْوُ الْمَنْطِقِ، فَصْلٌ، لا نَزْرٌ، وَلا هَذْرٌ، كَأَنَّ مَنْطِقَهُ خَرَزَاتُ نَظْمٍ يَتَحَدَّرْنَ، رَبْعَةٌ لا يَائِسَ مِنْ طُولٍ، وَلا تَقْتَحِمُهُ عَيْنٌ مِنْ قِصَرٍ، غُصْنٌ بَيْنَ غُصْنَيْنِ، فَهُوَ أَنْضَرُ الثَّلاثَةِ مَنْظَرًا، وَأَحْسَنُهُمْ قَدْرًا، لَهُ رُفَقَاءُ يَحُفُّونَ بِهِ، إِنْ قَالَ أَنْصَتُوا لِقَوْلِهِ، وَإِنْ أَمَرَ تَبَادَرُوا إِلَى أَمْرِهِ، مَحْفُودٌ مَحْشُودٌ، لا عَابِسٌ وَلا مُفَنِّدٌ.

قَالَ أَبُو مَعْبَدٍ: فَهَذَا وَاللَّهِ صَاحِبُ قُرَيْشٍ الَّذِي ذُكِرَ لَنَا مِنْ أَمْرِهِ مَا ذُكِرَ بِمَكَّةَ. وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَصْحَبَهُ، وَلأَفْعَلَنَّ إِنْ وَجَدْتُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلا، وَأَصْبَحَ صَوْتٌ بِمَكَّةَ عَالٍ يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ وَلا يَدْرُونَ مَنْ صَاحِبُهُ وَهُوَ يَقُولُ:

جَزَى اللَّهُ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ … رَفِيقَيْنِ قَالا خَيْمَتِي أُمِّ مَعْبَدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>