للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٥ - حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ، ثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، ثنا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلا كَانَتْ لَهُ نَخْلَةٌ فَرْعُهَا فِي دَارِ رَجُلٍ فَقِيرٍ ذِي عِيَالٍ، فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا جَاءَ فَدَخَلَ الدَّارَ فَصَعِدَ إِلَى النَّخْلَةِ لِيَأْخُذَ مِنْهَا التَّمْرَةَ فَرُبَّمَا سَقَطَتِ التَّمْرَةُ فَأَخَذَهَا صِبْيَانُ الْفَقِيرِ، فَيَنْزِلُ مِنْ نَخْلَتِهِ فَيَأْخُذُ التَّمْرَةَ مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَإِنْ وَجَدَهَا فِي فَمِ أَحَدِهِمْ أَدْخَلَ إِصْبَعَيْهِ حَتَّى يُخْرِجَ التَّمْرَةَ مِنْ فِيهِ، قَالَ: فَشَكَى ذَلِكَ الرَّجُلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَهُ بِمَا يَلْقَى مِنْ صَاحِبِ النَّخْلَةِ، فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاحِبَ النَّخْلَةِ فَقَالَ لَهُ: «أَعْطِنِي نَخْلَتَكَ الْمَائِلَةَ الَّتِي فَرْعُهَا فِي دَارِ فُلانٍ وَلَكَ بِهَا نَخْلَةٌ فِي الْجَنَّةِ» .

فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: لَقَدْ أَعْطَيْتُ، وَإِنَّ لِي لَنَخْلا كَثِيرا وَمَا فِيهِ نَخْلَةٌ أَعْجَبُ إِلَيَّ تَمْرَةً مِنْهَا، قَالَ: ثُمَّ ذَهَبَ الرَّجُلُ وَلَقِيَ رَجُلا آخَرَ كَانَ يَسْمَعُ الْكَلامَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ وَمِنْ صَاحِبِ النَّخْلَةِ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: أَتُعْطِينِي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَعْطَيْتَ الرَّجُلَ نَخْلَةً فِي الْجَنَّةِ إِنْ أَنَا أَخَذْتُهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ» .

فَذَهَبَ الرَّجُلُ فَلَقِيَ صَاحِبَ النَّخْلَةِ وَلِكِلاهُمَا نَخْلٌ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ النَّخْلَةِ: أَشَعَرْتَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ أَعْطَانِي بِنَخْلَتِي الْمَائِلَةِ فِي دَارِ فُلانٍ نَخْلَةً فِي الْجَنَّةِ، فَقُلْتُ: لَقَدْ أَعْطَيْتَ وَلَكِنْ يُعْجِبُنِي تَمْرُهَا وَلِي نَخْلٌ كَثِيرٌ مَا فِيهِ كُلُّهُ أَعْجَبُ إِلَيَّ تَمْرَةً مِنْهَا، فَقَالَ لَهُ الآخَرُ: أَتُرِيدُ بَيْعَهَا؟ فَقَالَ: لا إِلا أَنْ أُعْطَى بِهَا مَا أُرِيدُ، فَلا أَظُنُّهُ أَعْطَى، قَالَ: فَكَمْ تَنَالُ فِيهَا؟ قَالَ: أَرْبَعِينَ نَخْلَةً، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: لَقَدْ جِئْتَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ تَطْلُبُ بِنَخْلَتِكَ الْمَائِلَةِ أَرْبَعِينَ نَخْلَةً؟ قَالَ: ثُمَّ سَكَتَ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ: أَنَا أُعْطِيكَ أَرْبَعِينَ نَخْلَةً، قَالَ: فَاشْهَدْ لِي إِنْ كُنْتَ صَادِقًا، قَالَ: فَأَشْهَدَ لَهُ بِأَرْبَعِينَ نَخْلَةً، قَالَ: فَمَكَثَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بَيْعٌ لَمْ نَفْتَرِقْ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: وَلَسْتُ بِأَحْمَقَ حَتَّى أُعْطِيكَ أَرْبَعِينَ نَخْلَةً بِنَخْلَتِكَ الْمَائِلَةِ، ثُمَّ سَكَتَ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ النَّخْلَةِ: أُعْطِيكَ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي كَمَا أُرِيدُ بِعَطِيَّتِهَا عَلَى سَاقٍ قَالَ: فَسَكَتَ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ: هِيَ لَكَ عَلَى سَاقٍ، قَالَ: إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَأَشْهِدْ لِي، قَالَ: فَدَعَا قَوْمًا فَأَشْهَدَ لَهُ، فَعَدَّ أَرْبَعِينَ نَخْلَةً عَلَى سَاقٍ، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ النَّخْلَةَ قَدْ صَارَتْ لِي وَهِيَ لَكَ، قَالَ: فَذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى صَاحِبِ الدَّارِ، فَقَالَ لَهُ: «النَّخْلَةُ لَكَ وَلِعِيَالِكَ» .

فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى {١} وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى {٢} وَمَا خَلَقَ} [الليل: ١-٣] الزوجين {الذَّكَرَ وَالأُنْثَى {٣} إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى {٤} } [الليل: ٣-٤] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ

<<  <   >  >>