للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تكليم الله للكفار يوم القيامة]

السؤال

هل يكلم الله تبارك وتعالى الكفار يوم القيامة لقوله صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه) فـ (من) من ألفاظ العموم لو فسرت بهذا الحديث؟

الجواب

لا، ليس كذلك؛ لأن الخطاب للمؤمنين: (ما منكم من أحد) الخطاب للمؤمنين، أما الكافرون فإنهم يخرجون من هذا، ولو كان عاماً -مع أنه ليس بعام- فهو خاص بالأدلة الأخرى التي يخبر الله فيها بأنه لا يكلمهم، ولا يدخل في هذا العموم الكلام الذي يكون للتوبيخ؛ لقول الله جل وعلا لهم وهم في النار: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون:١٠٨] ولكنه كلام عذاب، ليس هو الكلام الذي فيه التنعم والتلذذ، وإنما هذا كلام محاسبة، وقد يكون فيه عذاب ونقمة، وقوله: (ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه) يعني: يحاسبه، والله سبحانه يحاسب الناس يوم القيامة، بماذا يحاسبهم؟ يحاسبهم بكلامه، ومعلوم أن الناس ينقسمون إلى أقسام في هذا، قسم يؤمر بهم إلى الجنة بلا حساب، وهؤلاء قلة، وقسم يؤمر بهم إلى النار بلا حساب: {فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} [الكهف:١٠٥] كفار ما عندهم حسنات، ولا عندهم إيمان يحاسبون عليه، أعمالهم كلها سيئات، وقسم خلطوا فهؤلاء هم الذين يحاسبون، ولا يلزم من هذا الخطاب العام أنه جل وعلا يخاطب الخلق كلهم عامة، إذا حصلت الشفاعة فقد وعد الله جل وعلا أنه يأتي إليهم ليقضي بينهم، فيأتي ثم يخاطبهم ويقول جل وعلا: أليس عدلاً مني أن أولي كل واحد منكم ما كان يتولاه في الدنيا؟ هذا خطاب عام للخلق كلهم، وكلهم يجيبون، ويقولون: بلى يارب، فيمثل لكل عابد ما كان يعبده في الدنيا فيقال له: اتبعه، فيتبعون معبوداتهم إلى جهنم ويلقون فيها، ويبقى المؤمنون وفيهم المنافقون، فيأتيهم الله جل وعلا إلى آخر الحديث، وهو حديث ثابت في الصحيحين.

<<  <  ج: ص:  >  >>