للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الاستعاذة من شر النفس ومن شر كل دابة]

قوله: (أعوذ بك من شر نفسي) العياذ هو الالتجاء من المخوف، أن يلتجئ ويعتصم من شيء يخافه، واللياذ قد يكون بهذا المعنى، ولكن بعض العلماء ذكر أن اللياذ يكون في الخير، والعياذ يكون من الشر، واستدل على ذلك بقول المتنبي: يا من ألوذ به فيما أؤمله ويا من أعوذ به مما أحاذره لا يجبر الناس عظماً أنت كاسره ولا يهيضون عظماً أنت جابره وهذا يقوله في مخلوق نسأل الله العافية، وهذا لا يجوز أن يقال إلا في الله جل وعلا؛ لأنها من صفات الله وليست من صفات المخلوق، ولكن هكذا الشعراء يبالغون المبالغات التي قد تخرج بهم إلى الشرك نسأل الله العافية، وبهذا يتبين لنا الفرق بين العياذ واللياذ، وإن كان بعض العلماء لم يفرق بين هذا وهذا.

قوله: (من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها) المقصود بالدابة كل ما يدب على وجه الأرض، واصطلح على أن الدابة هي التي تمشي على أربع، وبعضهم عندهم اصطلاح أخص، فيطلقونها على الحمار، ولكن هذا اصطلاح فقط، وإلا فاللغة تدل على أن كل ما دب على وجه الأرض فهو دابة، والحديث هذا يدل على ذلك، ويدخل في هذا الجن والإنس والحيوانات وغيرها، قال: (أعوذ بك من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها) ، والناصية هي مقدم الرأس، ومعنى ذلك أنك تملكها وتتصرف فيها كيف تشاء، فهي بقبضتك، لا تتحرك إلا بمشيئتك، ولا يصدر منها شيء إلا بإرادتك.

<<  <  ج: ص:  >  >>