للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أنواع العلو]

العلو لله جل وعلا ثابت بمعانيه الثلاثة: علو القهر، وعلو القدر، وعلو الذات.

أما علو القهر وعلو القدر فليس فيهما خلاف بين الناس، حتى أهل البدع يقرون بهما، ويقولون: نثبت له علو القهر وعلو القدر، ويقولون: ومعنى أنه فوق خلقه كما تقول: الذهب فوق الفضة، وهذا في الواقع من الكلام السخيف، كيف يقال: إن الله فوق خلقه بمعنى أنه أحسن منهم وأرفع منهم قدراً تعالى الله وتقدس؟! قال الشاعر: ألم تر أن السيف ينقص قدره إذا قيل إن السيف أمضى من العصا هذا بين المخلوق والمخلوق، فكيف بين خالق ومخلوق؟! تعالى الله وتقدس.

علو القدر هو التعظيم الذي يكون في قلوب العارفين، ليس في قلوب المنكرين، أما المنكر فعنده الرب والمربوب سواء! تعالى الله وتقدس.

فعلو القدر: هو قدره الذي يجب أن يكون في قلب عبده، كما قال الله جل وعلا: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الزمر:٦٧] ، {مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً} [نوح:١٣] ، يعني: تعظيماً وتقديراً.

المقصود: أن إثبات هذا الشيء متفق عليه، أما تفسيره فهم يختلفون فيه.

أما المعنى الثاني وهو: علو القهر وهذا أيضاً لا خلاف فيه إلا في بعض الجزئيات، كقول القدرية: إن الله جل وعلا لا يقدر على أن يخلق مثل أفعال العباد تعالى الله وتقدس، وهذا ضلال وكفر؛ لأنه تعجيز لله جل وعلا.

أما عند أهل السنة وأهل الحق فعلو القهر بمعنى أنه فوق عباده قاهر لكل أحد، ولا يمكن لأحد أن يخرج عن مراده وعن قدره وقهره، وكل من في السماوات ومن في الأرض يأتيه ذليلاً عبداً خاضعاً؛ لأنه هو القاهر القهار جل وعلا.

أما علو الذات: فهو الذي فيه الكلام، وهو الذي يستدل العلماء على إبطال قول المخالفين فيه.

يجب على الإنسان أن يعلم أن الهدى والنور والحق في كتاب الله، وأن ما خالف كتاب الله يجب أن يرد، ولا يقبل من أقوال الناس -مهما كانت- إلا ما وافق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والكتاب والسنة صنوان لا يفترقان، وكلاهما حق وهدى ونور، كما أنه يجب على المسلم أن يعتقد اعتقاداً جازماً أن رسول صلى الله عليه وسلم قد بلغ البلاغ المبين، ولم يترك شيئاً مما يحتاجه المسلم من العقيدة أو العمل إلا وبينه ووضحه.

ويجب عليه أن يعتقد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أفصح الناس وأبلغهم، وأقدرهم على البيان، وأنصحهم للناس، فإذا اجتمعت هذه الأمور فلابد أن يقتنع الإنسان بما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا قال قولاً وجب تصديقه وقبوله، ولا يجوز التشكك فيه، والبحث عن أوجه اللغة الغريبة، وصرفه إلى ذلك الغريب؛ لأن هذا في الواقع نوع من التكذيب ونوع من الرد، والهداية بيد الله جل وعلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>