للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الرد على شبهة الاحتجاج بالقدر على المعاصي]

السؤال

عندي شبهة وهي: كيف يقدر الله على العبد المعصية، ثم يعذبه عليها، وإن كان له اختيار ومشيئة فهي تابعة لمشيئة الله، فمشيئته ليست خالصة، وهذا الأمر يراه العقل ظلماً وغير معقول؟

الجواب

الشبهة من عدم العلم في الواقع، والسائل ما تصور المسألة كما ينبغي، والواجب أن الإنسان يبحث ويقرأ ويسأل حتى يعرف وإلا الأمر واضح في هذا، فعلم الله جل وعلا نوعان: علم أن هذا المخلوق سيوجد في وقت كذا، وأنه سيعمل كذا وكذا فكتب علمه فيه، وعلم الله لم يرغمه على عمل المعصية؛ لأن عمل المعصية وقع باختياره، وهو الذي اختار العمل، ولا أحد أجبره على أن يعمل المعصية أو أن يترك الطاعة، وإنما هو أحب ذلك وقصده باختياره وإرادته، فيعاقب على هذا، وكون الله جل وعلا قدر عليه فهو -كما قلنا- علمه وكتابته لعلمه وكونه خلقه مختاراً لهذا الفعل، ومريداً له باختياره وفعله، فإذا عذبه فهو يعذبه بفعله وبإجرامه.

مثال ذلك: لوكان لرجل ولد فأمره بإصلاح ماله، وهو يستطيع ذلك بكل سهولة، فذهب وأحرقه، ورماه في البحر، فهل يقتنع الوالد بأن هذا الشيء مقدّر مكتوب ويسكت عنه أو أنه يحنق عليه، ويؤدبه، ويلومه، ويضربه لأنه فعله باختياره؟ إذاً: الفعل فعل الإنسان، فلا يجوز أن يكون الإنسان مع الطاعة مرجئاً، ومع المعصية قدرياً، ويقول: هذه مكتوبة عليّ بقدر؛ بل ينظر إلى عمله هو.

أما كونك تقول: (لماذا ما وفقت؟) ، فلا يجوز أن تقول هذا؛ لأن التوفيق فضل الله، وعليك أن تسأله إياه، وترغب إليه به، أما إذا منعته فهو من جراء أفعالك، وإنما أوتيت من نفسك فيكون اللوم عليك، وليس اللوم على الله جل وعلا ولا على الأقدار.

<<  <  ج: ص:  >  >>