للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الرد على الذين يزعمون أن السماء غير حقيقية وأنها فضاء]

ومعلوم أن السماء حقيقة على ما يعتقده المسلمون، لا كما يقوله اليوم أهل الباطل ويلزمون الناس بما ينكرونه، وأن يعتقدوا ما يعتقدونه، فهم الآن يقولون: الفضاء، فيجعلون السماء فضاءً، يعني: أنه ليس هناك سماء مبنية حقيقة، وإنما هو فضاء تسبح فيه الكواكب فقط، هذه هي عقيدتهم، ويقولون: نحن نشاهد هذه الأشياء مشاهدة؛ فإذا صعدنا إلى مسافة معينة انعدمت هذه الرؤية التي نراها فوقنا وذهبت، فلا نرى شيئاً، ويقولون: هذا دليل على أن هذه انعكاسات لما في الأرض من أبخرة متصاعدة من البحار وما أشبه ذلك، فتنعكس وبسببها نرى هذه الزرقة، وهذا تكذيب لله جل وعلا في كتابه، ولما يعتقده الأولون والآخرون، وهؤلاء أصبحوا لا يؤمنون إلا بالمحسوس المشاهد، والسبب في انعدام الرؤية: أن الشيء المرئي لابد أن يكون له مقابل يعكسه فيرى به، فإذا لم يكن له مقابل لا تمكن رؤيته، فإذا ارتفعوا وذهب تأثير الأرض ذهبت الرؤية، هذا هو السبب، وإلا فهي على حالها لا تتغير، ولكن يبعدون عن تأثير الأرض التي تأخذ انعكاس السماء فتشاهد، فإذا أبعدوا عن الأرض وذهب تأثيرها زال الذي يرونه، فاعتقدوا أن هذا الذي يُرى هو -كما يقولون- انعكاسات بحار أو أوكسجين أو أبخرة أو غيرها، ومن المعلوم أن العاقل نفسه لا يصدقه؛ لأن هذا لا يتغير لا عند البحر ولا بعيداً عن البحر، ففي وسط آسيا التي تبعد عنها البحار كثيراً جداً بحيث لا يكون للبحار تأثير في الرقعة التي فوق هذه المنطقة البعيدة، ومع ذلك فالمشاهدة لا تتغير، ثم لسنا بحاجة إلى ما يقولون، فالله جل وعلا يقول: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ} [ق:٦] ، فهل يأمرنا أن ننظر إلى شيء لا حقيقة له؟! والرسول صلى الله عليه وسلم عرج به إلى السماء، واستفتحت له أبواب السماء، سماءً سماءً إلى أن علا السماء السابعة.

وأخبرنا صلوات الله وسلامه عليه: (أن الروح يعرج بها ثم تستفتح لها أبواب السماء فإما أن تفتح وإما أن تغلق وتطرح إلى الأرض طرحاً) ، كما جاء ذلك في حديث البراء بن عازب الذي هو في صحيح البخاري وغيره.

والمقصود: أن السماء إذا جاءت مطلقة -بدون أن تقيد بما يدل على أنها السماء المبنية- فيقصد بها السماء المبنية وقد يقصد بها مجرد العلو.

<<  <  ج: ص:  >  >>