للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مجتمعات المسلمين، يقودهم عدونا الأكبر الشيطان، من أجل صد الناس عن دين الله، ولهم في ذلك حيلٌ ومكر كثير، من حيلهم أنهم يدفعون الناس إلى ردود فعل غير محسوبة النتائج؛ فتؤدي إلى مفاسد شنيعة؛ وذلك لأنهم لم ينطلقوا في تصرفاتهم من علم شرعي، ولذلك ذكر العلماء أن من شروط الفعل المكلَّف به: العلم، بحيث يكون المرء عالمًا بأن الشرع قد كلَّف بذلك الفعل، ويكون المرءُ عالمُا بكيفية أداء ذلك الفعل، لكن العلم له طرائق في تعلُّمه، لا يمكن الاستفادة من هذا العلم إلا عندما نقوم بالالتزام بآداب التعلُّم، بحيث نتصف بهذه الآداب ونُطبِّقها في تعلمنا، فمن تعلم العلوم بدون أن يتأدَّبَ بالآداب الشرعية لم يبارك له في علمه، وكان الناس ينفرون منهُ، ويظنون أن تلك النُّفرة من العلم الذي يحمله، وإنما النُّفرة من سوء تأدُّبه، وسوء تخلُّقه بأخلاق الإسلام، فحينئذ قد يكون ما يؤديه من المفاسد أكثر مما يؤديه من المصالح، ولذلك عني أهل العلم بالتأليف في آداب طلب العلم منذُ العصور الأولى، فألّفت مؤلَّفات كثيرة، منها آداب حملة القرآن، ومنها أخلاق أهل العلم، لطائفة من أهل العلم، ولا زال علماء الشريعة يَعْتَنُون بهذا الباب، ولكن كل عصر تولد فيه مستجدات تجعل أهل العلم يحاولون أن ينصُّوا على أحكام هذه المستجدات من آداب طلب العلم في مؤلفاتهم، ولذلك كُلَّما وُجد عندنا كتاب يعتني بالمستجدات المتعلِّقة بطلب العلم وآدابه وطريقته كانت الاستفادة من ذلك أكثر وأشمل.

ومما أُلف في أدب طلب العلم كتاب: "حلية طالب العلم" للشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله تعالى، وهو من علماء الأمة الذين لهم مؤلفات عديدة، وقد كان عضوًا في هيئة كبار العلماء، وعضوا في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وقد نفع الله به كثيرًا، ولم يمُت إلا منذ سنوات قليلة، ونَفَعَ الله بعلمه، ونشر الله ذلك العلم في الأمة في مشارق

<<  <   >  >>