للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(١٢) الإعراض عن الهيشات (١):

التصون من اللغط والهيشات، فإن الغلط تحت اللغط، وهذا ينافي أدب الطلب.

ومن لطيف ما يستحضر هناك ما ذكره صحاب "الوسيط في أدباء شنقيط" وعنه في "معجم المعاجم": "أنه وقع نزاع بين قبيلتين، فسعت بينهما قبيلة أخرى في الصلح، فتراضوا بحكم الشرع، وحكَّموا عالمًا، فاستظهر قتل أربعة من قبيلة بأربعة قُتِلوا من القبيلة الأخرى، فقال الشيخ

= المجالس، فإن جنايتك على العلم وأهله عظيمة؛ لأن الناس يبدءون يهتكون أستار الأدب مع أهل العلم، ولا يقيمون لهم وزنًا، ويكون ذلك سببًا من أسباب انتشار المعاصي والمنكرات؛ لأنهم إذا رأوا طلبة العلم يجلسون في مجلس المعصية ولا ينكرونها فعل أهل المعاصي تلك المعاصي في الظاهر، وجاهروا بها. ومن قواعد الشريعة: الترغيب في عدم إظهار المنكرات، وقد جاء في الحديث أن النبي ﷺ قال: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين) [١].

(١) الأدب الثاني عشر من آداب طالب العلم: أنه يتصوّن عن اللغط والهيشات.

والمراد بالهيشات: ما يحصل من الخصومات والتجمعات التي يكون فيها كلام بعض الناس على بعض مما لا يمكن ضبطه ولا تعرف عاقبته، فإن دخول طلبة العلم في الهيشات ينتج عنه أن الناس قد يعتدون عليهم، وقد يتكلمون فيهم، وقد يكون ذلك سببًا من أسباب احتقارهم، وعدم معرفة ما لديهم من علم يستوجب رفع مكانتهم والأخذ بيدهم، ومن ذلك المظاهرات والتجمعات في الطرقات.

وذكر المؤلف هنا ما يتعلق بهذا النداء الذي وقع بين هاتين القبيلتين.


[١] أخرجه البخاري (٦٠٦٩).

<<  <   >  >>