للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنت ذاك. فأُلقي عليه شَبَهُ عيسى، ورفع عيسى من رَوْزَنَةٍ (نافذة في السقف) كانت في البيت إلى السماء. وسيعود وينزل من السماء قبيل قيام الساعة حاكماً بالإسلام.

وبعد رفع عيسى إلى السماء جاء الطلب من اليهود، فأخذوا الشبيه فقتلوه، ثم صلبوه، ثم زعم اليهود أنهم قتلوا عيسى وصلبوه وقالوا: ﴿إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ﴾، وحقيقة الأمر أنهم كما قال الله تعالى: ﴿وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ١٥٧ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ١٥٨﴾ [النساء: ١٥٧ - ١٥٨].

ثم كان الخراب الثاني لبيت المقدس، فبعث الله إليهم ملكا من ملوك بابل يقال له: خردوس، فسار إليهم بأهل بابل وظهر عليهم بالشأم، وقد قيل: هذا تأويل قوله: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ﴾ [المائدة: ٧٨]. وبعد الخراب الثاني تفرقوا في الأرض، ومن حينئذ زال ملكهم وقطعهم الله في الأرض أمماً، وكانوا تحت حكم الروم والفرس ولم يبق لهم ملك.

وجاء بولس (شاؤول اليهودي) (١) وهو أول من حرف الديانة النصرانية، ولم يكن من تلاميذ المسيح، ولم تثبت له رؤية المسيح عليه


(١) كان بولس من اليهود الفريسيين، وهم: مجموعة يهودية تقول بأن الإله أوحى شريعة مكتوبة وأخرى شفهية لموسى . ويخالفهم اليهود الصدوقيين وهم: مجموعة يهودية ترفض وجود الشريعة الشفوية، وتنسب إلى الكاهن صدّوق. وهناك أيضاً اليهود السامريون. وقد كتب بولس رسائله قبل كتابة الأناجيل الأربعة، والأناجيل الأربعة استوحت دينهاالمحرف من رسائل بولس، لكن محرري العهد الجديد دلسوا على الناس، فجعلوا الأناجيل الأربعة في الترتيب قبل رسائل بولس، لإيهام أتباعهم من النصارى أن بولس استوحى رسائله من الأناجيل وليس العكس؛ فبولس هو صانع النصرانية اليوم. ويقول بولس: إذا كان كذبي من أجل تمجيد الرب، فلماذا أسمى خطّاءً؟! ويقول: "ليس هناك شيء طيب فيّ، ما لا أريد أن أفعله أفعله". ومرة يقول: "أنا مع اليهود يهودي، ومع الوثنيين وثني، ومع من هم تحت الشريعة، ومع من هم فوق الشريعة وخارج القانون". ومع ذلك جعلوه القديس المبجل سانت بول St Paul وهو الذي غير اسمه من (شاؤول) إلى (بولس) ليخفي تاريخ قتله للنصارى، وادعى أن المسيح جعل نفسه لعنة ليحرر الناس من لعنة الناموس (شريعة التوراة) فكان بولس يحرض على ترك التوراة. ومن العجيب أن النصارى ورد لديهم في النبوءات في إنجيلهم: "من قال كلمة على الشريعة أو حث الناس على تركها، سوف يجعل الأصغر في هذه الدنيا". ومعنى كلمة باولوس في اللغة اليونانية القديمة: الأصغر. فأوقع شاؤول نفسه في ذلك بتغيير اسمه إلى بولس وهو لا يدري؛ لجهله وكذبه. وقد أراد الحواريان بطرس (بيتر) وجيمس (ابن يوسف النجار) قتله، لكنه هرب منهما إلى اليونان، وبشر بدينه في اليونان وقال: أنا للأغيار.

<<  <   >  >>