للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:
رقم الحديث:

٢٦ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبَانٍ , نا سُفْيَانُ , عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ , عَنْ جَابِرٍ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «النَّاسُ مَعَادِنُ خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلامِ إِذَا فَقِهُوا»

حَدَّثَنَا.........

الْحَسَن أَحْمَد بْن مُحَمَّدٍ الْعَتِيقِيّ , قَالَ: نا أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ......

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدِ بْنِ حَفْصٍ الدُّورِيُّ , قثنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ , ثنا أَبِي , عَنْ خَلَفِ بْنِ سَالِمٍ , قَالَ: قُلْتُ لأَبِي عَلِيٍّ الْمَعْتُوهِ , وَكَانَ يَنْزِلُ فِي الْحَرَمِ فِي دَارِنَا....

: يَا أَبَا عَلِيٍّ أَلَكَ مَأْوًى؟ قَالَ: نَعَمْ , قُلْتُ: يَا أَبَا عَلِيٍّ وَأَيْنَ مَأْوَاكَ؟ قَالَ: فِي دَارٍ يَسْتَوِي فِيهَا الْعَزِيزُ وَالذَّلِيلُ , قُلْتُ: وَأَيْنَ هَذِهِ الدَّارُ؟ قَالَ: الْمَقَابِرُ , قُلْتُ: يَا أَبَا عَلِيٍّ أَفَمَا تَسْتَوْحِشُ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ؟ فَقَالَ لِي: إِنِّي أُكْثِرُ ذِكْرَ وَحْشَةَ اللَّحْدِ وَظُلْمَتِهِ فَيُهَوِّنُ عَلَيَّ ظُلْمَةَ اللَّيْلِ وَوَحْشَتِهِ , فَقُلْتُ لَهُ: رُبَّمَا رَأَيْتَ فِي الْمَقَابِرِ شَيْئًا تُنْكِرُهُ , قَالَ: رُبَّمَا وَلَكِنْ فِي هَوْلِ الآخِرَةِ مَا يَشْغَلُ عَنْ هَذِهِ الْمَقَابِرِ

حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ , قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي , عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ , وَذَكَرْتُ لَهُ مَا حَكَى ابْنُ إِدْرِيسَ , عَنِ ابْنِ أَبِي مَالِكٍ الْخُزَاعِيِّ , فَقَالَ: كَانَ لَنَا شَيْخٌ مُسِنٌّ ضُبَعِيٌّ , قَالَ: وَكَانَ قَدْ عَدِمَ عَقْلَهُ فَكَانَ فِي......

حَتَّى تَكَلَّمَ , فَإِذَا تَكَلَّمَ ثَابَ عَقْلُهُ وَرَجَعَ , قَالَ: فَمَرَّ بِي يَوْمًا فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ: أَصْبَحْتُ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ....

وَلا يَقُولُ الْمُرْجِئَةُ وَلا الْجَهْمِيَّةُ وَلا الرَّافِضَةُ....

يبث فِي نَفْسِي قَدِ ابْتَدَأَ بِخَلْطٍ , قَالَ: ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ وَمَا قَوْلُ الْقَدَرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ وَالرَّافِضَةِ , قَالَ: أَمَّا الْقَدَرِيَّةُ فَزَعَمَتْ أَنَّ الْعَبْدَ لَوْ لَقِيَ اللَّهَ بِمِثْلِ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مُقِرٌّ عَلَيْهَا كَانَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا , وَقَالَتِ الْمُرْجِئَةُ: مَنْ لَقِيَ اللَّهَ بِشَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ وَإِنْ زَنَا وَإِنْ سَرَقَ , قَالَتِ الْجَهْمِيَّةُ: عِلْمُ اللَّهِ مَخْلُوقٌ فَكَفَرَتْ بِالْخَالِقِ , وَقَالَتِ الرَّافِضَةُ: بَعَثَ اللَّهُ جِبْرِيلَ إِلَى عَلِيٍّ فَغَلِطَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَفَرَتْ بِاللَّهِ وَجَحَدَتْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقُلْتُ لَهُ: مَا تَقُولُ أَنْتَ؟ قَالَ: أَقُولُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ الْخَلْقَ لِمَا شَاءَ لَيْسَ لِمَا يَشَاءُونَ , فَمَنْ عَذَّبَ مِنْهُمْ عَذَّبَهُ غَيْرَ ظَالِمٍ , وَمَنْ رَحِمَ فَرَحْمَتُهُ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ وَجَلَّ وَتَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يُقَالَ لِمَا قَدَّرَ: لِمَ؟ وَكَيْفَ؟ وَقَدْ قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: ٢٣] قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ عَليّ.......

كُنْت أَنْكَرْت شَيْئًا؟ قُلْتُ: لا أَنَا عَلَى مِثْلِ مَقَالَتِهَا

حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ , قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي....

سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَتَيْنِ نَزَلَ عَلَيْنَا بِخِبَائِنَا وَقَدْ شَرِبَ.....

حَدِيث سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ وَمَا أَجَابَ بِهِ أَبَا سَعِيدٍ....

فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ: كَانَ لِي مَوْلًى وُلِدَ فِي حُجُورِنَا وَرَبَّيْنَاهُ يُقَالُ لَهُ: سَلامَةُ وَكَانَ قَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَعَرَفَ النَّحْوَ وَالشِّعْرَ وَسَمِعَ الْحَدِيثَ وَجَالَسَ أَهْلَ الأَدَبِ فِي مَسْجِدِ الْبَصْرَةِ فَحَظِيَ عِنْدِي , قُلْتُ: إِذَا رَكِبْتُ فِي الْبَحْرِ فَخَلَّفْتُهُ كَفَانِي مَا أُخَلِّفُ، وَكُنْتُ لا أَهْتَمُّ مَعَهُ بِشَيْءٍ، يَقُومُ بِأَمْرِ الْعِيَالِ وَالْغَلاتِ، وَلُقِيِّ أَصْحَابِي وَجَوَابَاتِ إِخْوَانِي، وَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ قُلْتُ لَهُ: يَا سَلامَةُ أَدْخِلْ فُلانًا عَلَى فُلانَةَ زَوْجَتِهِ وَفُلانَةَ عَلَى زَوْجِهَا فُلانٍ , فَتَكُونُ نَفْسِي بِهِ وَبِقِيَامِهِ طَيِّبَةً , قَالَ: فَغَلَبَتْ عَلَيْهِ الْمِرَّةُ فَتَرَكْتُهُ كَخَشَبَةِ تَنُّورٍ وَذَهَبَ عَقْلُهُ وَكَانَ يَفْرَقُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ قَالَ: فَدَخَلَنِي مِنَ الْجَزَعِ وَالْغَمِّ لِمَا صَارَ إِلَيْهِ شَيْءٌ أَفْسَدَ عَلَيَّ بَعْضَ أَمْرِي قَالَ: وَأَنْزَلْتُهُ مَعِي فِي دَارِي فَكَانَ يُغْلِقُ.......

حَتَّى خَرَجْتُ إِلَيْهِ فَلَمَّا رَآنِي دَخَلَ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ وَلَصِقَ بِالْخَانِكَةِ , فَجَلَسْتُ بِحِذَائِهِ مُنْكِّسَ رَأْسِي وَاضِعَ يَدِي عَلَى جَبْهَتِي مِنَ الْغَمِّ، قَالَ: فَجَعَلَ يُسَارِقُنِي النَّظَرَ فَإِذَا نَكَّسْتُ رَأْسِي رَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَيَّ، فَإِذَا رَفَعْتُ رَأْسِي أَطْرَقَ فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَلامَةُ أَشْكُو إِلَى اللَّهِ مَا وَقَعَ فِي قَلْبِي مِنْكَ , فَقَالَ لِي: إِنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمَّا أُصِيبَ بِابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ جَزِعَ عَلَيْهِ جَزَعًا شَدِيدًا فَجَعَلَ يُعَزَّى فَلا يَتَعَزَّى فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَرْسَلَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ , فَقَالَ لَهُ: قَدْ أَضْنَى بِيَ الْجَزَعُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وَأُرَانِي أُعَزَّى فَلا أَتَعَزَّى فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي قَرَأْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ: إِذَا غَلَبَ اللَّهُ عَلَى شَيْءٍ فَالْهَ عَنْهُ قَالَ: فَجَعَلَ يَقُولُ: إِذَا غَلَبَ اللَّهُ عَلَى شَيْءٍ فَالْهَ عَنْهُ , فَقُلْتُ: عَظُمَتْ وَاللَّهِ الْمُصِيبَةُ بِكَ يَا سَلامَةُ فَقَالَ لِي: قُلْ كَمَا قَالَ قَوْمٌ رَضِيَ اللَّهُ مَقَالَتَهُمْ فَأَثْنَى عَلَيْهِمْ وَوَصَفَهُمْ بِأَحْسَنِ صِفَتِهِمْ , فَقُلْتُ لَهُ: وَمَا قَالُوا؟ وَمَا وَصَفَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ قَالَ {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: ١٥٦] من اللَّه عَزَّ وَجَلَّ {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: ١٥٧] , قُلْتُ لَهُ: يَا سَلامَةُ....

قُلْتُ لَهُ: يَا سَلامَةُ مَا يحل لي فإن نظرت إلي اغتممت , فنظر إلي الغم إِنِّي كُنْتُ أُلْفِيكَ وَأَنَا وَافِرُ الدِّمَاغِ ثَابِتُ الْعَقْلِ.......

أَمْرِي وَعَقْلِي وَأَنَا الْيَوْمَ زَائِلُ الْعَقْلِ نَاقِصُ الدِّمَاغِ فَمَا أُفْسِدُ أَكْثَرُ مِمَّا أُصْلِحُ، فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ عَلِمْتُ أَنَّهُ قَدْ أَقْفَلَ مِنْ نَفْسِهِ فَقُمْتُ وَأَنَا أَبْكِي رَحْمَةً لَهُ قَالَ: فَأَتْبَعَنِي بَصَرَهُ وَهُوَ يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُغْبِنْ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ يَعْقُوبَ بِطُولِ الْحُزْنِ عَلَى يُوسُفَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: ٨٦]

أَخْبَرَنَا شَيْخُنَا الإِمَامُ الْعَالِمُ شَيْخُ الإِسْلامِ مُوَفَّقُ الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ قُدَامَةَ الْمَقْدِسِيُّ , رَحِمَهُ اللَّهُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ , قِيلَ: أَخْبَرَكُمُ الشَّيْخُ أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي , أنبا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الطُّرَيْثِيثِيُّ , قَالَ: أنبا أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الطَّبَرِيُّ , أنبا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ , حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبَزَّارُ , قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَزَّازَ , قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ يَحْيَى الْحَلاءَ , يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ مَعْرُوفٍ , يَوْمًا فَجَاءَ رَجُلٌ , فَقَالَ: يَا أَبَا مَحْفُوظٍ رَأَيْتُ أَمْسِ عَجَبًا , قَالَ: مَا رَأَيْتَ.....

؟ بَاب الْكَرْخِ فَأَخَذت.......

فَإِذَا أَنَا بِصَبِيٍّ حَمَاسِيٍّ مُلْتَفٍّ....

فَقَالَ: يَا عَمِّ تَحْمِلُ عَلَيَّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ فَوَضَعْتُ السَّمَكَةَ عَلَى رَأْسِهِ وَمَشَى بَيْنَ يَدَيَّ فَكَانَ لا يَرْفَعُ قَدَمًا وَلا يَضَعُهَا إِلا بِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمَرَرْنَا بِمَسْجِدٍ يُؤَذَّنُ فِيهِ الظُّهْرُ، فَقَالَ: يَا عَمِّ هَلْ لَكَ فِي أَنْ تُصَلِّيَ؟ فَقُلْتُ: صَبِيٌّ يَدْعُونِي إِلَى الصَّلاةِ وَلا أُجِيبُهُ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ , فَوَضَعَ الطَّبَقَ وَالسَّمَكَةَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَمْ يَزَلْ يَرْكَعُ وَأَنَا أَحْفَظُ السَّمَكَةَ فَلَمَّا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ قُلْتُ: صَبِيٌّ تَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ فِي طَبَقِهِ أَلا أَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ فِي سَمَكَتِي فَدَخَلْتُ فَصَلَّيْتُ وَخَرَجْتُ فَإِذَا هِيَ بِحَالِهَا فَأَخَذَهَا عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ عَادَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الذِّكْرِ إِلَى أَنْ وَصَلْتُ إِلَى مَنْزِلِي , فَأَخْبَرْتُ أَهْلِي فَقَالُوا لِي: قُلْ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مَعَنَا , فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُمْ يَسْأَلُونَكَ أَنْ تُفْطِرَ عِنْدَهُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ فَأَيْنَ طَرِيقُ الْمَسْجِدِ؟ فَدَلَلْتُهُ عَلَى الْمَسْجِدِ فَلَمْ يَزَلْ رَاكِعًا سَاجِدًا إِلَى الْعَصْرِ , فَلَمَّا صَلَّيْنَا الْعَصْرَ جَعَلَ رَأْسَهُ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ , ثُمَّ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ إِلَى الْمَغْرِبِ , قُلْتُ: هَلْ لَكَ فِي الإِفْطَارِ؟ قَالَ: قَدْ جَرَتْ لِي عَادَةٌ إِنْ حَمَلْتَنِي عَلَيْهَا فَأَنا أُجِيبُكَ , قُلْتُ: مَا هِيَ؟ قَالَ: عَادَةٌ قَدْ جَرَتْ أَنْ أُفْطِرَ بَعْدَ عِشَاءِ الآخِرَةِ فَصَبَرْتُ لَهُ , قَالَ: وَكُنْتُ قَدْ أَعْدَدْتُ فِي بَيْتِي مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ , فَلَمَّا صَلَّى أَخَذْتُهُ إِلَى الْبَيْتِ وَزَرَفْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ , وَكَانَتْ لَنَا ابْنَةٌ لا تَبْطُشُ بِيَدِهَا وَلا تَمْشِي بِرِجْلَيْهَا عَمْيَاءُ قِطْعَةُ لَحْمٍ قَدْ أَتَى لَهَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً لا تَنَامُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ , فَإِذَا بِدَاقٍّ يَدُقُّ عَلَيْنَا بَابَ الْبَيْتِ فَقُلْنَا: مَنْ هَذَا؟ قَالَتْ: فُلانَةُ فَنَادَيْنَاهَا فَإِذَا هِيَ تَمْشِي وَتَبْطُشُ وَتُبْصِرُ فَقُلْنَا: مَا شَأْنُكِ؟ فَقَالَتْ: مَا أَدْرِي إِلا أَنِّي سَهِرْتُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ , فَأُلْقِيَ فِي نَفْسِي: سَلِ اللَّهَ بِحَقِّ ضَيْفِكُمْ فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ بِحَقِّ ضَيْفِنَا إِلا أَطْلَقْتَنِي فَأَنَا كَمَا تَرَوْنَ , قَالَ: فَبَادَرْتُ إِلَى الْبَيْتِ , فَإِذَا الْغُلامُ لَيْسَ ثَمَّ، قَالَ: فَبَكَى مَعْرُوفٌ وَقَالَ: نِعْمَ مِنْكُمْ صِغَارٌ وَكِبَارٌ، هَذَا أَوْ نَحْوُهُ آخِرُهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

<<  <