للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويصرح بذلك أيضا، الأب دوفوكو في مذكراته التي كتبها في ١٦ / ٩ / ١٣٣٤ هـ ١٦ / ٧ / ١٩١٦ م، إذ يقول: " أعتقد أنه إذا لم يتم تنصير المسلمين في مستعمراتنا بشمال إفريقيا، فإن حركة وطنية ستقوم بها على غرار ما حدث في تركيا، وإن نخبة من المثقفين ستتكون في المدن الكبرى متأثرة بالفكر الفرنسي دون أن يكون لها إحساس الفرنسيين ولا طيبوبتهم، وإن هذه النخبة ستحتفظ بمظاهر الإسلام، رغم ضياع روحه، لتؤثر بها على الجماهير، ومن جهة أخرى فإن جمهور الشعب من البدو والرحل سيبقى جاهلا عديم الصلة بنا متمسكا بإسلامه حاقدا على الفرنسيين، محتقرا لهم بدافع من وازعه الديني وأشياخه ومعاملة الفرنسيين من رجال السلطة. . . . . . " (١) وقد عاش هذا الأب بين الطوارق المقاومين لكل تسرب أجنبي.

وكأن الاحتلال بهذه الجهود المبذولة للمنصرين يرد لهم الجميل عندما دعوا له ومهدوا له. وفي هذا يقول المنصر الأمريكي جاك مندلسون: " لقد تمت محاولات نشيطة، لاستعمال المبشرين، لا لمصلحة الكنيسة وإنما لخدمة الاستعمار والعبودية " (٢) وكما يقول نابليون الأول (٣) في جلسة مجلس الدولة في تاريخ ١٢ / ٢ / ١٢١٩ هـ


(١) انظر تكملة هذه المذكرة عند عز الدين العراقي الذي قام بترجمتها ونشرها في مجلة البيئة التي أصدرها. ونقلها منها علال الفاسي. " التبشير: أخطر أسلحة الاستعمار ". الهلال مج ٨١، ع١٠ (اكتوبر ١٩٧٣م - رمضان ١٣٩٣ هـ) . ص ٦٠ - ٧٠.
(٢) انظر: جاك مندلسون. الرب والله وجوجو: الأديان في إفريقيا المعاصرة. ترجمة إبراهيم أسعد محمد. القاهرة: دار المعارف، ١٩٧١م. - ص٢٠٩.
(٣) نابليون بونابرت الأول (١٧٧٩ - ١٨٣١م) . ضرب الإنجليز بالمسلمين باحتلاله مصر. وكان قد أحضر معه مجموعة من المستشرقين، ودخل الأزهر آنذاك. وحاول احتلال الشام، ولكنه أخفق أمام حصون عكا. وحياته حافلة بالأحداث العسكرية والثورية. وقد نفي إلى سنت هيلانة، حيث مات هناك بالسرطان. انظر: الموسوعة العربية الميسرة. مرجع سابق. ص ١٨١٢.

<<  <   >  >>