للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أسبابا، وهو الحكيم بما نصبه من الأسباب في المعاش والمعاد، وقد يسر كلا من خلقه لما خلقه له في الدنيا والآخرة، فهو مهيأ له ميسر له، فإذا علم العبد أن مصالح آخرته مرتبطة بالأسباب الموصلة إليها كان أشدّ اجتهادا في فعلها والقيام بها وأعظم منه في أسباب معاشه ومصالح دنياه، وقد فقه هذا كل الفقه من قال من الصحابة لما سمع أحاديث القدر: ما كنت أشدّ اجتهادا مني الآن. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز» (١) . وقال صلى الله عليه وسلم لما قيل له: «أرأيت دواء نتداوى به ورقى نسترقيها، هل ترد من قدر الله شيئا؟ قال: " هي من قدر الله» (٢) . يعني أن الله تعالى قدر الخير والشر وأسباب كل منهما.

[دليل المرتبة الثالثة وهي الإيمان بالمشيئة]

س: ما دليل المرتبة الثالثة وهي الإيمان بالمشيئة؟

ج: قال الله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان: ٣٠] وقال تعالى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا - إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: ٢٣ - ٢٤] وقال تعالى: {مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الأنعام: ٣٩] {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} [المائدة: ٤٨] {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا} [البقرة: ٢٥٣] {وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ} [محمد: ٤] وقال تعالى: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود: ١٠٧] وقال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: ٨٢]


(١) رواه مسلم (القدر / ٣٤) ، وابن ماجه (٧٩) .
(٢) (حسن) رواه أحمد (٣ / ٤٢١) ، والترمذي (٢٠٦٥) ، وابن ماجه (٣٤٣٧) قال الإمام الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، ورواه الحاكم (٤ / ١٩٩) من حديث حكيم بن حزام وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. ورواه أيضا ابن حبان بإسناد حسن من حديث كعب بن مالك، وقد ساق الشيخ الألباني عدة طرق ومرويات للحديث، ثم قال: وبالجملة فأرجو أن يصل الحديث إلى مرتبة الحسن، اهـ. (مشكلة الفقر ح ١١) .

<<  <   >  >>