للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إلى بعضها وقلة أهل الذمة - فله أخذها أو إزالتها بحسب المصلحة، وإن كان تركها أصلح - لكثرتهم وحاجتهم إليها وغنى المسلمين عنها - تركها.

وهذا الترك تمكين لهم من الانتفاع بها لا تمليك لهم رقابها، فإنها قد صارت ملكا للمسلمين، فكيف يجوز أن يجعلها ملكا للكفار؟! وإنما هو انتفاع بحسب المصلحة، فللإمام انتزاعها متى رأى المصلحة في ذلك.

ويدل عليه أن عمر بن الخطاب والصحابة معه أجلوا أهل خيبر من دورهم ومعابدهم بعد أن أقرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها. ولو كان ذلك الإقرار تمليكا لم يجز إخراجهم عن ملكهم إلا برضا أو معاوضة.

ولهذا لما أراد المسلمون أخذ كنائس العنوة التي خارج دمشق في زمن الوليد بن عبد الملك صالحهم النصارى على تركها وتعويضهم عنها بالكنيسة التي زيدت في الجامع.

ولو كانوا قد ملكوا تلك الكنائس بالإقرار لقالوا للمسلمين: كيف تأخذون أملاكنا قهرا وظلما؟ بل أذعنوا إلى المعارضة لما علموا أن للمسلمين أخذ تلك الكنائس منهم وأنها غير ملكهم كالأرض التي هي بها.

فبهذا التفصيل تجتمع الأدلة وهو اختيار شيخنا.

ويدل عليه فعل الخلفاء الراشدين ومن بعدهم من أئمة الهدى، وعمر بن عبد العزيز هدم منها ما رأى المصلحة في هدمه، وأقر ما رأى المصلحة في إقراره، وقد أفتى الإمام أحمد المتوكل بهدم كنائس السواد وهي أرض العنوة.

القسم الثالث: من البلاد ما فتح صلحا.

قال ابن القيم فيه: وهذا نوعان:

<<  <   >  >>