للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيجلسانه فيقولان له من ربك» (١) الحديث، وقد صحح هذا الحديث الحاكم وغيره.

فدل الحديثان على وقوع النعيم أو العذاب في القبر على الروح والجسد جميعا ففي قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم: «إن العبد إذا وضع في القبر» دلالة ظاهرة على هذا إذ لفظ (العبد) مسمى للروح والجسد جميعا، وكذلك تصريحه بإعادة الروح إلى الجسد عند السؤال كما في حديث البراء بن عازب هذا مع ما جاء في الحديثين من الألفاظ التي هي من صفات الجسد كقوله: «يسمع قرع نعالهم» (فيقعدانه) ، «ويضرب بمطارق من حديد» «فيصيح صيحة» ، فإن هذا كله يفيد أن ما يحصل في القبر من النعيم أو العذاب متعلق بالروح والجسد جميعهما.

هذا مع أنه قد جاء في بعض النصوص ما يفيد أن النعيم أو العذاب قد يقع على الروح منفردة في بعض الأحوال على ما جاء في حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم: «لما أصيب إخوانكم يعني يوم أحد - جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش» (٢) .

فتلخص من هذا أن النعيم والعذاب يقع على الروح والجسد جميعا في القبر وقد تنفرد الروح بهذا أحيانا. قال بعض الأئمة المحققين في السنة في تقرير هذه المسألة: (والعذاب والنعيم على النفس والبدن جميعا باتفاق أهل السنة والجماعة، تنعم النفس وتعذب منفردة عن البدن، وتعذب متصلة بالبدن


(١) مسند الإمام أحمد ٤ / ٢٨٧، وسنن أبي داود ٥ / ٧٥ برقم (٤٧٥٣) ، والمستدرك: ١ / ٣٧- ٣٨.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ١ / ٢٦٦، والحاكم في المستدرك ٢ / ٨٨، ٢٩٧، وصححه ووافقه الذهبي.

<<  <   >  >>