للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

" قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [المائدة: ٧٧] نهي عن الغلو، والغلو التجاوز في الحد، ومنه: غلا السعر يغلو غلاء، وغلا الرجل في الأمر غلوا، وغلا بالجارية لحمها وعظمها إذا أسرعت الشباب فجاوزت لداتها (١) ويعني بذلك فيما ذكره المفسرون غلو اليهود في عيسى حتى قذفوا مريم، وغلو النصارى فيه حتى جعلوه ربا، فالإفراط والتقصير كله سيئة وكفر (٢) .

كما ورد لفظ الغلو والنهي عنه في السنة موافقا معناه لما في القرآن ففي الحديث الذي أخرجه ابن ماجه بسنده عن ابن عباس رضي الله عنه قال: «قال لي رسول صلى الله عليه وسلم غداة العقبة وهو على ناقته: " القط لي حصى " فلقطت له سبع حصيات هن حصى الخذف. فجعل ينفضهن في كفه ويقول " أمثال هؤلاء فارموا، ثم قال: " يا أيها الناس إياكم والغلو في الدين فإنه أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين» (٣) .

قال ابن تيمية في شرح هذا الحديث:

(وقوله: «إياكم والغلو في الدين» عام في جميع أنواع الغلو في الاعتقادات والأعمال، والغلو: مجاوزة الحد، بأن يزاد في حمد الشيء أو ذمه على ما يستحق ونحو ذلك) (٤)


(١) لداتها: أي أترابها ومثيلاتها.
(٢) الجامع لأحكام القرآن لابن عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي ط ٢- دار الكتب المصرية، ١٣٥٧ هـ، ٦ / ٢١.

(٣) سنن ابن ماجه، كتاب المناسك، باب قدر الحصى، ٢ / ١٠٠٨، ورواه النسائي في السنن.
ص ب مناسك الحج، باب التقاط الحصى، ٥ / ٢٦٨، والإمام أحمد ني المسند، ١ / ٢١٥ " ٣٤٧.
والحديث صحيح إسناده شيخ الإسلام ابن تيمية وقال: هدا إسناد صحح على شرط مسلم. انظر: اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية، تحقيق د. ناصر بن عبد الكريم العقل. ط ١، مطابع العبيكان، الرياض، ١٤٠٤هـ، ١ / ٢٩٨٨-. ٢٨٩.

(٤) المصدر نفسه، ١ / ٢٨٩.

<<  <   >  >>