للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل تعدوا ذلك إلى الاستغاثة به وطلبوا منه ما لا يجوز طلبه إلا من الله إلى غير ذلك من الأمور التي تؤدي إلى الشرك. ويسمون كل هذا توسلا!! ومما ينبغي التنبيه إليه أننا حين نوضح بطلان هذا النوع من التوسل لا يعني أننا ننفي الجاه والمكانة السامية لرسول الله صلى الله عليه وسلم. كلا. إن جاهه عليه الصلاة والسلام أعظم من جاه الأنبياء والمرسلين، وحديث الشفاعة يبين هذا ويوضحه (١) .

القسم الثاني: التوسل الشركي: وذلك كطلب الحاجات منه صلى الله عليه وسلم ودعائه لكشف الضر أو رفع الشدة وبث الشكوى إليه، إلى غير ذلك من ألوان الشرك الذي حرمه الله ورسوله. وكون هذا النوع شركا أمر واضح، فإنه لو طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته ما لا يقدر عليه إلا الله لكان هذا شركا، فكيف وهم يطلبون منه ذلك بعد موته، وينشدون في ذلك الأشعار ويسوقون الحكايات والأخبار، وينعتون كل موحد بالجفاء للنبي صلى الله عليه وسلم وآله الأخيار.

وتسمية هذا النوع بالتوسل هو من باب الإيهام والخداع فإنه لا يسمى إلا شركا أكبر.

يقول البرعي (٢) مخاطبا الرسول صلى الله عليه وسلم:

يا صاحب القبر المنير بيثرب ... يا منتهى أملي وغاية مطلبي

يا من به النائبات توسلي ... وإليه من كل الحوادث مهربي

يا من نرجّيه لكشف عظيمة ... ولحل عقد ملتو متعصب


(١) انظر حديث الشفاعة في:
صحيح البخاري. كتاب التوحيد. باب قول الله تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ) ، ٩ / ١٦٠- ١٦١. ومسلم. كتاب الأيمان. باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، ١ / ١٨٠ - ١٨١.
(٢) هو عبد الرحيم بن أحمد بن عبد الرحيم البرعي (. . . - ٨٣٠ هـ) ، شاعر متصوف. انظر ترجمته في الأعلام ٣ / ٣٤٣.

<<  <   >  >>