للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} [البقرة: ٩٥] أي: بسببه، كأنه قيل: انتفى تمنيهم بسبب ما قَدَّمَتْ، والمراد بما قدمته أيديهم: الكفر والمعاصي الموجبة لدخول النار، ولما كانت اليد من بين جوارح الإنسان مناط عامة أفعاله عبر بها تارة عن النفس وأخرى عن القدرة.

{وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [البقرة: ٩٥] أي: بهم، وإيثار الإظهار على الإضمار لذمهم، والتسجيل عليهم بأنهم ظالمون في كل ما يأتون ويذرون من الأمور التي من جملتها ادعاء ما هم عنه بمعزل، أي: والله عليم بما صدر منهم من فنون الظلم والمعاصي، وبما سيكون منهم، فيجازيهم على ذلك.

{قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ} [الجمعة: ٨] ولا تجسرون على أن تمنوه مخافة أن تؤخذوا بوبال أفعالكم.

{فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} [الجمعة: ٨] البتة، من غير صارف يلويه، ولا عاطف يثنيه.

{ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} [الجمعة: ٨] الذي لا تخفى عليه خافية.

{فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجمعة: ٨] من الكفر والمعاصي بأن يجازيكم بها.

وهذا ديدن الزائغين، وشأن الملحدين، كما قال تعالى عن اليهود: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ} [المائدة: ١٨]

وقد ورث هذه الخصلة كثير ممن ينتمي إلى الملة الإسلامية، بل كل من الفِرَق يقول: نحن أولياء الله، مع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في حديث الفِرَق في بيان الفرقة الناجية: «وهم ما أنا عليه وأصحابي» (١) .


(١) حسن: رواه الترمذي بلفظ: " ما أنا عليه وأصحابي " برقم (٢٦٤١) . وقد تقدم ص (٤٦) .

<<  <   >  >>