للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عبد الله يتحرى أماكن من الطريق، ويصلي فيها، ويحدث أن أباه كان يصلي فيها، وأنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي في تلك الأمكنة» (١) .

فهذا كما رخص الإمام أحمد.

وأما كراهته، فقد روى سعيد بن منصور في سننه قال: حدثنا أبو معاوية قال: «حدثنا الأعمش عن المعرور بن سويد عن عمر قال: خرجنا معه في حجة حجها، فقرأ بنا في الفجر بـ {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [الفيل: ١] و {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} [قريش: ١] في الثانية، فلما رجع من حجته رأى الناس ابتدروا المسجد، فقال: ما هذا؟ فقالوا: مسجد صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيه، فقال: " هكذا هلك أهل الكتاب قبلكم، اتخذوا آثار أنبيائهم بِيَعًا، من عرضت له منكم الصلاة فيه فَلْيُصَلِّ، ومن لم تعرض له الصلاة فليمض» (٢) .

فقد كره عمر اتخاذ مصلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عيدا، وبَيَّنَ أن أهل الكتاب إنما هلكوا بمثل هذا، كانوا يتبعون آثار أنبيائهم، ويتخذونها كنائس وبِيَعًا.

وروى محمد بن وضاح وغيره: " أن عمر بن الخطاب أمر بقطع الشجرة التي بويع تحتها النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأن الناس كانوا يذهبون تحتها، فخاف عمر الفتنة عليه " (٣) .

وما ذكره عمر هو الحري بالقبول، وهو مذهب جمهور الصحابة، غير ابنه (٤) وهو الذي يجب العمل به، ويُعَوَّل عليه.


(١) رواه البخاري في (الصلاة / المساجد التي على طرق المدينة والمواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم (٤٨٣) ، وفيه: " فيصلي " بدل " ويصلي ".
(٢) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (كتاب الصلاة / باب ما يقرأ في الصبح في السفر: ١ / ١١٨ - ١١٩ برقم ٢٧٣٤) ، وابن وضاح في البدع والنهي عنها (ص ٤١ - ٤٢) .
(٣) لعل الصواب " عليهم ": رواه ابن وضاح في " البدع والنهي عنها " ص (٤٢ - ٤٣) .
اقتضاء الصراط المستقيم (٢ / ٧٤٢ - ٧٤٤) مع اختلاف بكلمات يسيرة.
(٤) إنما أراد ابن عمر رضي الله عنهما بفعله الاقتداء لا التبرك؛ لأن من تبرك بشجرة أو حجر أو غيرهما فقد أشرك، وهي من صفات أهل الجاهلية.

<<  <   >  >>