للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا السائل مُوَحِّد مُقَرِّب لله سبحانه وتعالى وحده، لكن المكان الذي فيه معبود غير الله، وقد عُدِم، أو محل لاجتماعهم يصلح مانعا، فلما علم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن ليس هناك شيء من ذلك أجازه، ولو علم شيئا مما سأل عنه لمنعه؛ صيانة لحمى التوحيد، وقطعا لذريعة الشرك.

وصح - أيضا - عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «دخل الجنة رجل في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب قالوا: " كيف ذلك يا رسول الله؟! " قال: " مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجاوزه أحد حتى يقرِّب له شيئا، قالوا له: قَرِّبْ ولو ذبابا، فقرب ذبابا، فخلوا سبيله، فدخل النار، وقالوا للآخر: قرب، قال: ما كنت أقرب شيئا لأحد دون الله عز وجل، فضربوا عنقه، فدخل الجنة» .

ففي هذا الحديث من الفوائد: كون المقرِّب دخل النار بالسبب الذي لم يقصده، بل فعله تخلصا من شرهم، وأنه كان مسلما، وإلا لم يقل: دخل النار.

وفيه ما ينبغي الاهتمام به من أعمال القلوب، التي هي المقصود الأعظم والركن الأكبر.

فتأمل في ذلك، وانظر إلى فؤادك في جميع ما قالوه، وَأَلْقِ سمعك لما ذكروه، وانظر الحق، فإن الحق أبلج، والباطل لَجْلَج، فبالنظر التام إلى ما كان عليه المشركون من تقربهم لأوثانهم؛ لتقربهم إلى الله؛ لكونهم شفعاء لهم عند الله، وشفاعتهم بسبب أنهم رسل الله أو ملائكة الله أو أولياء الله، يتبين لك ما عليه الناس الآن، والله المستعان.

<<  <   >  >>