للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الثمانون التَّبَرُّك بآثار المعظَّمين كدار الندوة]

الثمانون التَّبَرُّك بآثار المعظَّمين كدار الندوة (١) وافتخار من كانت تحت يده بذلك

كما قيل لحكيم بن حزام: بعت مكرمة قريش؟! فقال: «ذهبت المكارم إلا التقوى» (٢) .

هذه الخصلة قد امتدت عروق ضلالها في أودية قلوب جهلة المسلمين، وزادوا في الغلو بها على ما كان عليه جاهلية العرب والكتابيين.

ولا بدع من حكيم بن حزام القريشي الأسدي إذا ما رد على من قال له: بعت مكرمة قريش؟ وقد باعها من معاوية بمائة ألف درهم: " ذهبت المكارم إلا التقوى ".

كيف لا وقد كان عاقلا سريا، فاضلا تقيا، سيدا بماله غنيا، أعتق في الجاهلية مائة رقبة، وحَمَلَ على مائة بعير، وحج في الإسلام ومعه مائة بدنة قد جللها بالحَبِرة، وكفها عن أعجازها، وأهداها، ووقف بمائة وصيف بعرفة في أعناقهم أطواق الفضة منقوش فيها: " عتقاء الله عن حكيم بن حزام "، وأهدى ألف شاة، وهو الذي عاش في الجاهلية ستين سنة، وفي الإسلام ستين سنة، ووُلِد في الكعبة.


(١) دار الندوة: دار بناها قصي بن كلاب، وكانت قريش تأتمر فيها، حيث كانوا يتيامنون بأمره " فما تنكح امرأة، ولا يتزوج رجل من قريش، وما يتشاورون في أمر نزل بهم، ولا يعقدون لواء لحرب قوم من غيرهم إلا في داره، يعقد لهم بعض ولده، وما تدرع جارية إذا بلغت أن تدرع من قريش إلا في داره، يشق عليها من درعها، ثم تدرعه، ثم ينطلق بها إلى أهلها، فكان أمره في قومه من قريش في حياته، ومن بعد موته، كالدين المتبع " مختصر سيرة ابن إسحاق لابن هشام (١ / ١٢٥) .
(٢) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (٣ / ١٨٦) برقم (٣٠٧٣) ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٩ / ٣٨٤) : " رواه الطبراني بإسنادين أحدهما حسن ".

<<  <   >  >>