للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[السادسة والثمانون الافتخار بولاية البيت]

السادسة والثمانون الافتخار بولاية البيت فذمهم الله تعالى بقوله: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ} [المؤمنون: ٦٧]

وهذه الآية في سورة المؤمنين، وهي بتمامها قوله تعالى: {قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ - مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ} [المؤمنون: ٦٦ - ٦٧]

ومعنى الآية على ما في التفسير:

{قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ} [المؤمنون: ٦٦] تعليل لقوله قبل: {لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ} [المؤمنون: ٦٥] أي: دعوا الصراخ، فإنه لا يمنعكم منا، ولا ينفعكم عندنا، فقد ارتكبتم أمرا عظيما، وإثما كبيرا، وهو التكذيب بالآيات، فلا يدفعه الصراخ، فكنتم عند تلاوتها: {عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ} [المؤمنون: ٦٦] أي: معرضون عن سماعها أشد الإعراض، فضلا عن تصديقها والعمل بها، والنكوص: الرجوع، والأعقاب: جمع عقب وهو مؤخر الرجل، ورجوع الشخص على عقبه: رجوعه في طريق الأول كما يقال: رجع عوده على بدئه.

{مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ} [المؤمنون: ٦٧] أي: بالبيت الحرام، والباء للسببية وسُوِّغَ بهذا الإضمارُ، مع أنه لم يجر ذكر اشتهار استبكارهم، وافتخارهم بأنهم خُدَّام البيت وقُوَّامه.

{سَامِرًا} [المؤمنون: ٦٧] أي: تسرون بذكر القرآن، والطعن فيه، وذلك أنهم كانوا يجتمعون حول البيت يسمرون، وكانت عامة سمرهم ذكر القرآن، وتسميته سحرا أو شعرا.

و {تَهْجُرُونَ} [المؤمنون: ٦٧] من الهجر - فتح فسكون - بمعنى القطع والترك، والجملة في موضع الحال، أي: تاركين الحق والقرآن أو النبي صلى الله عليه وآله وسلم على تقدير عود الضمير (به) له، وجاء الهجر بمعنى الهذيان، وجُوِّزَ أن يكون المعنى عليه، أي: تهذون في شأن القرآن أو النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو أصحابه، أو ما يعم جميع ذلك، ويجوز أن يكون من الهجر - بضم فسكون - وهو الكلام القبيح.

<<  <   >  >>