للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي لفظ: " إنكارها: إضافتها إلى الأسباب ".

وبعضهم يقول: إنكارهم: قولهم: هي بشفاعة آلهتهم عند الله تعالى.

ومنهم من قال: النعمة - هنا - محمد صلى الله عليه وآله وسلم (١) أي: يعرفون أنه - عليه الصلاة والسلام - نبي بالمعجزات، ثم ينكرون ذلك، ويجحدونه عنادا.

{وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ} [النحل: ٨٣] أي: المنكرون بقلوبهم، غير المعترفين بما ذكر، والتعبير بالأكثر إما لأن بعضهم لم يعرف الحق؛ لنقصان عقله، وعدم اهتدائه إليه، أو لعدم نظره في الأدلة نظرا يؤدي إلى المطلوب، أو لأنه لم تقم عليه الحجة؛ لكونه لم يصل إلى حد المكلفين لصغر ونحوه، وإما لأنه يقام مقام الكل، فإسناد المعرفة والإنكار المتفرع عليها إلى ضمير المشركين على الإطلاق من باب إسناد حال البعض إلى الكل.

ومما يجري هذا المجرى قوله تعالى في سورة " الواقعة " [٨١ - ٨٢] : {أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ - وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: ٨١ - ٨٢] أي: تقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا.

روى مسلم وغيره عن ابن عباس، قال: «مُطِرَ الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال - عليه الصلاة والسلام -: أصبح من الناس شاكر، ومنهم كافر، قالوا: هذه رحمة وضعها الله، وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا، فنزلت هذه الآية: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} [الواقعة: ٧٥] حتى بلغ: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: ٨٢] » .

إلى غير ذلك من الآثار.

وقد ذكرنا مذهب العرب في الأنواء في غير هذا الموضع، وفصلناه تفصيلا، وذكرنا شعرهم الدالَّ على مذهبهم هذا، والله الموفق.


(١) وهذا قول الفراء كما في معاني القرآن له (٢ / ١١٢) ، وقول ابن قتيبة كما في زاد المسير (٤ / ٤٧٩) ، وعزاه ابن جرير في تفسيره (١٤/ ١٥٧) إلى السدي.

<<  <   >  >>