للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحسيَّات، وقائله إلى أن يعالج عقله أحوج منه إلى تلاوة الآيات والأحاديث، وحكاية الإجماع، وفعل الأمة طبقة طبقة وقرنًا قرنًا.

وإن أراد أن النهي (١) عن تكفير عموم الأمة وجميعها: فهذا لم يقله أحد، ولم نسمع به عن (٢) مارق ولا مبتدع، وهل يقول هذا من له عقل يدرك به ويعرف ما في الأمة من العلم والإيمان والدين؛ وأما بعض الأمة فلا مانع من تكفير من قام الدليل على كفره كبني حنيفة، وسائر أهل الردَّة في زمن أبي بكر، وغلاة القدرية والمارقين الذين مرقوا في زمن علي رضي الله عنه وغلوا فيه، وهكذا الحال في كل وقت وزمان، ولولا ذلك لبطل الجهاد وترك الكلام في أهل الردة وأحكامهم، وفي ضمن هذا القول ما تقدم من تسفيه جميع الأمة، وتجهيل علمائها الذين كفَّروا بكثير من الأحداث والمكفِّرات، وفيه: (أنهم لم يسلكوا الطريق الواسع، ولم يفهموا الحديث عن نبيهم) .

وبالجملة: فهذا المعترض مموَّه بلفظ الأمة مُلَبِّس.

قال تعالى في ذم هذا الصنف من الناس: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٤٢] [البقرة -٤٢] .

وهذا من أعظم اللبس والخلط والتمويه، والأمة تطلق ويُراد بها عموم أهل الدعوة، ويدخل فيها من لم يستجب لله ورسوله، وتطلق أيضًا [١٣] ، ويُراد بها أهل الاستجابة المنقادين لما جاءت به الرسل، ومن لم يُفَصّل ويضع النصوص مواضعها فهو من الجاهلين الملبسين، بل هو ممن صدَّ


(١) في (المطبوعة) : " أراد النهي ".
(٢) في (م) و (ق) : (هذا عن) .

<<  <  ج: ص:  >  >>