للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

محمد بن سعود، وتعاهد معه على الجهاد، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونشر الدعوة في جزيرة العرب، " باللسان عند من يقبلها، وبالسيف عند من لم يقبلها ".

إن أحد أسباب الفشل الذي منيت به الحركات الإصلاحية الإسلامية قبل الدعوة الوهابية وبعدها إنما يرجع إلى عدم توافر هذا المبدأ، وهو دليل على بعد النظر الذي كان يتصف به الشيخ محمد بن عبد الوهاب ونصيره الأمير محمد بن سعود، وقد ظل هذا الاتحاد بين القوتين الدينية والسياسية ينمو ويتفاعل حتى انبثقت عنه المملكة العربية السعودية التي يزداد حجم تأثيرها الديني والسياسي والاقتصادي على المجتمعين الإسلامي والعربي من ناحية، وعلى المجتمع الدولي وحضارته من ناحية أخرى.

وفي الوقت الذي بدأت فيه الحضارة الغربية تطرح نفسها كمنهج للتطور المادي للشعوب، وتتسرب وسائلها إلى المجتمعات المتخلفة، كانت المملكة العربية السعودية التي (١) تتمسك بالتعاليم الإسلامية بمفهومها الوهابي في طليعة هذه المجتمعات التي فتحت لها أبوابها، واستعانت بها لتطوير حياة شعبها دون أن يمس ذلك بعقيدتها الدينية أو يتعارض معها " (٢) .

وإن من الحق ما شهدت به الخصوم، ومن ذلك ما قاله عن أثر هذه الدعوة خصمها عثمان بن سند البصري، واختصره عنه أمين بن حسن الحواني:

قال: " ومن محاسن الوهابيين أنهم أماتوا البدع ومحوها، ومن محاسنهم أنهم أمنوا البلاد التي ملكوها، وصار كل ما كان تحت حكمهم من هذه البراري والقفار يسلكها الرجل وحده على حمار بلا خفر خصوصا بين الحرمين الشريفين، ومنعوا غزو الأعراب بعضهم على بعض، وصار جميع العرب على اختلاف قبائلهم من حضرموت إلى الشام كأنهم إخوان أولاد رجل واحد ثم قال: " وبهاتين الدسيستين خدعوا جميع العوام - يعني بمحو البدعة وتأمين الطرقات والسبل خصوصا بين الحرمين -، وأحبهم سائر الأمم، وغفلوا عن باقي معتقداتهم " (٣) .


(١) راجع الإسلام في نظر الغرب، ترجمة إسحاق موسى الحسيني (٧٣) (محمد كامل) .
(٢) الدعوة الوهابية وأثرها في الفكر الإسلامي الحديث (٢٠٩ - ٢١١) .
(٣) نقلا عن انتشار دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، محمد كمال جمعة (٥٦) .

<<  <   >  >>