للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه وسلم: إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه (١) . وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فلو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان لبعثه مكانه، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان (٢) وكانت بيعة الرضوان بعدما ذهب عثمان إلى مكة (٣) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده


(١) وبعث النبي صلى الله عليه وسلم ببشرى النصر في بدر مع زيد بن حارثة إلى عثمان في المدينة. قال أسامة بن زيد - فيما رواه الطبري٢: ٢٨٦ -: " فأتانا الخبر حين سوينا التراب على رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كانت عند عثمان بن عفان، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفني عليها مع عثمان " ثم في ربيع الأول من السنة التالية لغزوة بدر تزوج عثمان أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأدخلت عليه في جمادى الآخرة.
(٢) وقبل أن يبعث عثمان دعا عمر بن الخطاب ليبعثه إلى مكة فيبلغ عنه أشراف قريش ما جاء له، فقال عمر: يا رسول الله إني أخاف قريشا على نفسي وليس في مكة من بني عدي بن كعب أحد يمنعني. ولكني أدلك على رجل هو أعز مني فيها: عثمان بن عفان. فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش. ويوم تدوّن الدول الإسلامية تاريخ السفارات في الإسلام، سيكون اسم عثمان أول سفراء الإسلام في التاريخ.
(٣) لأن عثمان لما أدى رسالته في السفارة التي بعث بها احتبس أياما. فلم يعد إلى النبي صلى الله عليه وسلم في الموعد الذي كان يقدر له أن يعود فيه، فوصل الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأن سفيره قتل، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة إلى بيعة الرضوان، انتصارا لعثمان، على نية أن يذهب بالصحابة إلى مكة فيناجز المشركين لما بلغه عن قتلهم عثمان. فبيعة الرضوان كانت رمزا من رموز الشرف لعثمان، وأي شرف أعظم من اجتماع قوى الإسلام بقيادة الرسول الأعظم للأخذ بثأر هذا الرجل الحبيب إلى المسلمين، والرفيع المنزلة عند سيد الأولين والآخرين؟ ثم لما علم النبي صلى الله عليه وسلم - في اللحظة الأخيرة التي اجتمع فيها الصحابة لعقد البيعة - أن عثمان حي، مضى في إتمام البيعة على سنته صلى الله عليه وسلم في أنه إذا بدأ بخير يمضي في إكماله ولو زال سببه. وحينئذ كان لعثمان الشرف المضاعف بأن يد رسول الله صلى الله عليه وسلم نابت عن يده في عقد البيعة عنه. فبيعة الرضوان كانت انتصارا لعثمان، وجميع الصحابة بايعوا بأيدي أنفسهم إلا عثمان فإن أشرف يد بالوجود نابت عن يده في إعطاء بيعته. ولو لم يكن لعثمان من الشرف في حياته كلها إلا هذا لكفاه.

<<  <   >  >>