للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أذلاء حتى تابوا بعد حول (١) .

وكتب إلى عثمان بخبرهم، فكتب إليه أن سرحهم إلي. فلما مثلوا بين يديه جددوا التوبة، وحلفوا على صدقهم، وتبرأوا مما نسب إليهم (٢) وخيرهم حيث يسيرون، فاختار كل واحد ما أراد من البلاد: كوفة، وبصرة، ومصر، فأخرجهم. فما استقروا في حيث ما ساروا حتى ثاروا وألبوا، حتى انضاف إليهم جمع (٣)


(١) كان كلما ركب أمشاهم، فإذا مر به (صعصعة) قال: يا ابن الحطيئة، أعلمت أن من لم يصلحه الخير أصلحه الشر؟ ما لك لا تقول كما كان بلغني أنك تقول لسعيد ومعاوية؟ فيقول، ويقولون: نتوب إلى الله، أقلنا أقالك الله (الطبري ٥: ٨٧ - ٨٨) .
(٢) الذي قدم إلى أمير المؤمنين عثمان في المدينة هو الأشتر النخعي وحده، وهو الذي ناب عن ابني صوحان وابن الكواء والآخرين في تجديد التوبة التي أعلنوها من قبل لعبد الرحمن بن خالد بن الوليد: غير أن الفتنة لم تكن مقتصرة على هؤلاء، بل كانت جرثومتها في يد ابن سبأ الذي اختار الإقامة في الفسطاط، وكان لها جناح في البصرة، وللأشتر وإخوانه بقية في الكوفة. وبينما كان الأشتر يجدد توبته وتوبة إخوانه في المدينة كان أعوان ابن سبأ يكاتبون البصرة والكوفة في موعد يثبون فيه على ولاتهم، فما رجع الأشتر بتوبته إلى إخوانه الذين كانوا عند عبد الرحمن بن خالد بن الوليد حتى وجد عندهم كتابا من إخوانهم في الكوفة يدعونهم للاشتراك فيما اتعدوا له، فلم يبتهج بهذه الدعوة إلى الفتنة والشر إلا الأشتر الذي لم يكن قد نسي توبته بعد، فأسرع إلى الكوفة وانضم إلى الفتنة التي تسمى في التاريخ (يوم الجرعة) وكان ذلك سنة ٣٤.
(٣) لما أخفق السبئيون في الوثوب على ولاتهم سنة ٣٤ في الموعد الذي وقعت فيه.

<<  <   >  >>