للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عالمًا. قلنا: وبأي شيء نعلم عدم علمه، أو عدم عدالته (١) ؟ ولو كان مسلوبهما لذكر ذلك الثلاثة الفضلاء الذين أشاروا عليه بأن لا يفعل، وإنما رموا إلى الأمر بعيب التحكيم، وأرادوا أن تكون شورى.

فإن قيل: كان هنالك من هو أحق منه عدالة وعلمًا، منهم مائة وربما ألف. قلنا: إمامة المفضول - كما قدمنا (٢) - مسألة خلاف بين العلماء، كما ذكر العلماء في موضعه.

وقد حسم البخاري الباب، ونهج جادة الصواب، فروى في صحيحه ما يبطل جميع هذا المتقدم، وهو أن معاوية خطب وابن عمر حاضر في خطبته، فيما روى البخاري (٣) عن عكرمة بن خالد أن ابن عمر قال: دخلت على حفصة ونوساتها تنطف (٤) . قلت: قد كان في الأمر ما ترين، فلم يجعل لي من الأمر شيء. فقالت: " الحق، فإنهم ينتظرونك وأخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة ". فلم تدعه حتى ذهب.


(١) أما عن العدالة فقد شهد له محمد بن علي بن أبي طالب في مناقشته لابن مطيع عند قيام الثورة على يزيد في المدينة فقال عن يزيد: " ما رأيت منه ما تذكرون. وقد حضرته وأقمت عنده فرأيته مواظبا على الصلاة، متحريا للخير، يسأل عنه الفقه، ملازما للسنة " (ابن كثير ٨: ٢٣٣) . وأما عن العلم فالذي يلزم منه لمثله في مثل مركزه كان فيه موضع الرضا وفوق الرضا: روى المدائني أن ابن عباس وفد إلى معاوية بعد وفاة الحسن بن علي، فدخل يزيد على ابن عباس وجلس منه مجلس المعزي، فلما نهض يزيد من عنده قال ابن عباس: إذا ذهب بنو حرب ذهب علماء الناس (ابن كثير ٨: ٢٢٨) .
(٢) في ص ٢١١.
(٣) ك ٦٤ ب ٢٩ - ج ٥ ص ٤٨.
(٤) أي وذوائبها تقطر ماء، سمى الذوائب " نوسات " لأنها تنوس، أي تتحرك.

<<  <   >  >>