للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال في روايته: " عن زياد بن أبي سفيان ". فنسبه إليه وقد علم قصته، ولو كان عنده ما يقول العوام حقا لما رضي أن ينسبه ولا ذكره في كتابه الذي أسسه للإسلام (١) وقد جمع ذلك كله في أيام بني العباس والدولة لهم والحكم بأيديهم فما غيروا عليه ولا أنكروا ذلك منه لفضل علومهم ومعرفتهم بأن مسألة زياد مسألة قد اختلف الناس فيها فمنهم من جوزها ومنهم من منعها، فلم يكن لاعتراضهم إليها سبيل.

وكذلك أعجبهم - حين قرأ الخليفة على مالك الموطأ - ذكر عبد الملك بن مروان فيه وإذكاره بقضائه، لأنه إذا احتج العلماء بقضائه فسيحتج بقضائه أيضا مثله، وإذا طعن فيه طعن فيه بمثله (٢) .


(١) وعامر بن شراحيل الشعبي كان من أئمة المسلمين كذلك، بل إن مالكا كان يراه إماما له. وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة زياد من تاريخ دمشق (٥: ٤٠٦) أن الشعبي قال: أتت زيادا قضية في رجل مات وترك عمة وخالة فقال " لأقضين بينكم بقضاء سمعته من عمر بن الخطاب " وذلك أنه جعل العمة بمنزلة الأخ والخالة بمنزلة الأخت.
(٢) وممن روى عن عبد الملك بن مروان البخاري في كتابه (الأدب المفرد) وروى عن عبد الملك الإمام الزهري، وعروة بن الزبير، وخالد بن معدان من فقهاء التابعين وعبادهم، ورجاء بن حيوة أحد الأعلام. قال نافع مولى ابن عمر: لقد رأيت المدينة وما فيها شاب أشد تشميرا ولا أفقه ولا أقرأ لكتاب الله من عبد الملك بن مروان. وروى الأعمش عن أبي الزناد أن فقهاء المدينة كانوا أربعة: سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وقبيصة بن ذؤيب وعبد الملك بن مروان قبل أن يدخل الإمارة. وقال الشعبي: ما جالست أحدا إلا وجدت لي الفضل عليه، إلا عبد الملك بن مروان فإني ما ذاكرته حديثا إلا زادني منه، ولا شعرا إلا زادني فيه (البداية والنهاية ٩: ٦٢-٦٣) .

<<  <   >  >>