للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والولايةُ اجتهاد (١) وقد عزل عمر سعد بن أبي وقاص وقدم أقل


(١) للمؤلف في أواخر هذا الكتاب ص ٢٤٣ فصل عنوانه (نكتة) أشار فيه إلى المعاني والحقائق التي يلاحظها ولي الأمر عند " اجتهاده " في تولية الولاة وعزلهم، وذلك لفقه عظيم ومعارف بديعة بينها أئمة الإسلام وعلماؤه في الفصول التي عقدوها للإمامة وسياسة الدولة وفي كتبهم المصنفة في أصول الدين. وقد زعم طاغية الشيعة ومدلسهم الحسن بن المطهر الحلي في كتابه منهاج الكرامة أن عثمان ولى أمور المسلمين من لا يصلح للولاية، فأجابه شيخ الإسلام ابن تيمية في (منهاج السنة ٣: ١٧٣ - ١٧٦ والمنتقى منه للذهبي ٣٨٢ - ٣٨٣) أن عليا - رضي الله عنه - ولى زياد بن أبي سفيان وولى الأشتر النخعي وولى محمد بن أبي بكر وأمثال هؤلاء، ولا يشك عاقل أن معاوية بن أبي سفيان كان خيرا من هؤلاء كلهم. قال: ومن العجب أن الشيعة ينكرون على عثمان أنه ولى أقاربه من بني أمية، ومعلوم أن عليا ولى أقاربه من قبل أبيه وأمه، فولى عبيد الله بن عباس على اليمن، وولى على مكة والطائف قثم بن العباس، وأما المدينة فقيل إنه ولى عليها سهل بن حنيف وقيل ثمامة بن العباس، وأما البصرة فولى عليها عبد الله بن عباس، وولى على مصر ربيبه محمد بن أبي بكر الذي رباه في حجره (لأنه تزوج أمه بعد وفاة أبي بكر وكان محمد صغيرا) . ثم إن الإمامية تدعي أن عليا نص على أولاده في الخلافة - أو على ولده، وولده على ولده الآخر وهلم جرا - ومن المعلوم إن كان تولية الأقربين منكرا، فتولية الخلافة العظمى أولى من إمارة بعض الأعمال. . . وإذا قال القائل: لعليّ حجة فيما فعله، قيل له: وحجة عثمان فيما فعله أعظم. وإذا ادعى لعلي العصمة ونحوها مما يقطع عنه ألسنة الطاعنين، كان ما يدعى لعثمان من " الاجتهاد " الذي يقطع ألسنة الطاعنين أقرب إلى المعقول والمنقول. . . ثم قال: إن بني أمية كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعملهم في حياته، واستعملهم بعده من لا يتهم بقرابة فيهم: أبو بكر وعمر، ولا تعرف قبيلة من قبائل قريش فيها عمال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من بني عبد شمس، لأنهم كانوا كثيرين، وكان فيهم شرف وسؤدد، فاستعمل النبي صلى الله عليه وسلم في عزة الإسلام على أفضل الأرض مكة عتاب بن أسيد بن أبي العاص بن أمية، واستعمل على نجران أبا سفيان بن حرب بن أمية، واستعمل خالد بن سعيد بن العاص على صدقات بني مذحج وعلى صنعاء واليمن حتى مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستعمل عثمان بن سعيد بن العاص على تيماء وخيبر وقرى عرينة، واستعمل أبان بن سعيد بن العاص على بعض السرايا ثم استعمله على البحرين فلم يزل عليها بعد العلاء الحضرمي (حليف بني أمية) حتى توفي النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول عثمان: أنا لم أستعمل إلا من استعمله النبي صلى الله عليه وسلم ومن جنسهم ومن قبيلتهم، وكذلك أبو بكر وعمر بعده. . . فكان الاحتجاج على جواز الاستعمال من بني أمية بالنص الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أظهر عند كل عاقل من دعوى كون الخلافة في واحد معين من بني هاشم بالنص، لأن هذا كذب باتفاق أهل العلم بالنقل، وذلك صدق باتفاق أهل العلم بالنقل (وانظر أيضا منهاج السنة ٣: ٢٣٦ - ٢٣٧) . والذي يستعرض حياة عمال عثمان وجهادهم وفضائلهم يراهم في الذروة العليا من رجال الدولة، ولا يتردد في أنهم من بناة الأساس الأقوم من مجد الإسلام الإداري والعسكري، ولهم ثواب نتائجه في الفتوح وانتشار دعوة الإسلام بما يعده التاريخ من معجزاته الخارقة للعادات.

<<  <   >  >>