للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قدم عليه في السنة السابعة للهجرة، فلما سمع به هرقل وكان قد سمع بمخرج النبي صلى الله عليه وسلم، دعا أبا سفيان فسأله عن النبي صلى الله عليه وسلم عن ذاته ونسبه وما يدعو إليه وأصحابه، فلما أخبره أبو سفيان عما سأله عنه، قال هرقل له: " إن كان ما تقول حقا فسيملك ما تحت قدمي هاتين ". سبحان الله من يتصور ملكا إمبراطوريا، كما يقولون، يقول مثل هذا القول في محمد صلى الله عليه وسلم، وهو مع ذلك لم يحرر جزيرة العرب من رق الشيطان والهوى، ومن يتصور أن مثل هذا الرجل يقول مثل هذا القول؟ ولهذا لما خرج أبو سفيان قال لقومه: " لقد أمر أمر ابن أبي كبشة إنه ليخافه ملك بني (الأصفر) . " أمر " يعني عظم ومنه قوله تعالى: {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} [الكهف: ٧١] (١) أتى عظيما.

وقد ملك النبي صلى الله عليه وسلم، ما تحت قدمي هرقل بدعوته لا بشخصه؛ لأن دعوته أتت على هذه الأرض واكتسحت الأوثان والشرك وأصحابه. وملكها الخلفاء الراشدون بعد محمد صلى الله عليه وسلم، ملكوها بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم، وشريعة النبي عليه السلام، إذن على الداعية أن يصبر وستكون العاقبة له إذا كان صادقا مع الله سواء في حياته أو بعد مماته.

قال موسى لقومه: {اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: ١٢٨] (٢) وقال تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: ٩٠] (٣) . .


(١) سورة الكهف، الآية ٧١.
(٢) سورة الأعراف، الآية ١٢٨.
(٣) سورة يوسف، الآية ٩٠.

<<  <   >  >>