للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا؛ فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء، فأنبتت الكلأ، والعشب الكثير، وكان منها أجادب فأمسكت الماء، فنفع الله بها الناس، فشربوا منها وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان، لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به» (١) .

ومن الأمثلة العظيمة التي ضربها الأنبياء لقومهم ما حدث به النبي صلى الله عليه وسلم عن يحيى بن زكريا عليهما السلام، فعن الحارث الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بهن، وأن يأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن، فكأنه أبطأ بهن، فأوحى الله إلى عيسى، إما أن يبلغهن أو تبلغهن، فأتاه عيسى فقال له: إنك أمرت بخمس كلمات أن تعمل بهن، وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن، فإما أن تبلغهن وإما أن أبلغهن، فقال له: يا روح الله، أخشى إن سبقتني أن أعذب أو يخسف بي، فجمع بني إسرائيل في بيت المقدس، حتى امتلأ المسجد، فقعد في الشرفات، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: إن الله أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن، وآمركم أن تعملوا بهن: أولهن أن تعبدوا الله، لا تشركوا به شيئًا، فإن مثل من أشرك بالله كمثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله بذهب أو ورق، ثم أسكنه دارا فقال: اعمل وارفع إلي، فجعل العبد يعمل، ويرفع إلى غير سيده، فأيكم يرضى أن يكون عبده كذلك؟ وإن الله خلقكم ورزقكم فاعبدوه، ولا تشركوا به شيئا.

وآمركم بالصلاة، وإذا قمتم إلى الصلاة فلا تلتفتوا، فإن الله عز وجل يقبل بوجهه على عبده ما لم يلتفت.

وآمركم بالصيام، ومثل ذلك كمثل رجل معه صرة مسك في عصابة،


(١) أخرجه: البخاري (١ / ١٧٠) ، ومسلم (١٥ / ٤٦) .

<<  <   >  >>