للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الانفعال، ورفع الصوت، ولا يمكن أن يسير الملقي أيضا على وتيرة ثابتة تربط آخر الموضوع بأوله.

فينبغي للداعية أن يتحرى في الدرس تفهيمه بأيسر الطرق، وأن يذكره مسترسلا، مرتلا، مبينا، واضحا، ويؤخر ما ينبغي تأخيره، ويقدم ما ينبغي تقديمه، ويقف في موضع الوقف، ويصل في موضع الوصل، ويكرر ما يشكل من معانيه وألفاظه، إلا إذا وثق بأن جميع الحاضرين يفهمونه من غير ذلك.

وإذا فرغ من مسألة أو باب أو فصل يسكت قليلا حتى يتكلم من في نفسه كلام عليه، أو يطلب إيضاحا، وهذا ينطبق على المحاضرة أيضا.

وأما الواعظ فهو لا يبعد كثيرا عن خطبة الجمعة من جهة الاختصار، والابتعاد عن كثرة الاستدلال، وضرورة ضغط العبارة، ومن أراد أن يختبر طريقته في الوعظ فلينظر في كتابين عظيمين يحكيان الأسلوب الأمثل والصحيح للواعظ، الأول: " صيد الخاطر " لابن الجوزي رحمه الله، والثاني: " الفوائد " لابن قيم الجوزية رحمه الله.

[الصورة الثالثة ترك وعظ المنشغل عنك]

٣ - الصورة الثالثة: ترك وعظ المنشغل عنك: فمن حسن الموعظة أن من كان منشغلا عنك بحديث أو عمل وكذا المستثقل والمكابر أن تترك وعظهم، وأن تؤجله إلى وقت آخر أنفع لك ولهم، وذلك لعدم الفائدة من ذلك، وإبقاء للود، وحفاظا على منزلة الموعظة والنصيحة.

وقد قيل فيمن لا يستمع لوعظه: فلان في وعظه كنافخٍ في قفص، وقاص في مقبرة.

قال ابن عبد البر رحمه الله: كان يقال: ستة إذا أهينوا فلا يلوموا أنفسهم: الذاهب إلى مائدة لم يدع إليها، وطالب الفضل من اللئام، والداخل بين اثنين في حديثهما من غير أن يدخلاه فيه، والمستخف بالسلطان، والجالس مجلسا ليس له بأهل، والمقبل بحديث على من لا يسمع منه، ولا يصغي إليه.

<<  <   >  >>