للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والهوى والحرص على الدنيا كمون النار في الزناد؛ فاقدح زناد من شئت ينبيك شرره عما في زناده.

قال العلامة ابن باز رحمه الله: " والخلاصة: أن الواجب على الداعية الإسلامي أن يدعو إلى الإسلام كله، ولا يفرق بين الناس، وألا يكون متعصبا لمذهب دون مذهب، أو لقبيلة دون قبيلة، أو لشيخه أو رئيسه أو غير ذلك، بل الواجب أن يكون هدفه: إثبات الحق وإيضاحه واستقامة الناس عليه وإن خالف رأي فلان أو فلان، ولما نشأ في الناس من يتعصب للمذاهب ويقول: إن مذهب فلان أولى من مذهب فلان جاءت الفرقة والاختلاف حتى آل ببعض الناس هذا الأمر إلى ألا يصلي مع من هو على غير مذهبه، فلا يصلي الشافعي خلف الحنفي، ولا الحنفي خلف المالكي، ولا خلف الحنبلي، وهكذا وقع من بعض المتطرفين المتعصبين، وهذا من البلاء، ومن اتباع خطوات الشيطان. . . فالأئمة أئمة الهدى: الشافعي، ومالك، وأحمد، وأبو حنيفة، والأوزاعي، وإسحاق بن راهويه، وأشباههم، كلهم أئمة هدى ودعاة حق، دعوا الناس إلى دين الله، وأرشدوهم إلى الحق، ووقع هناك مسائل بينهم اختلفوا فيها لخفاء الدليل على بعضهم، فهم بين مجتهد مصيب له أجران، وبين مجتهد أخطأ الحق فله أجر واحد، فعليك أن تعرف لهم قدرهم وفضلهم، وأن تترحم عليهم، وأن تعرف أنهم أئمة الإسلام ودعاة الهدى، ولكن لا يحملك ذلك على التعصب والتقليد الأعمى فتقول: مذهب فلان أولى بالحق بكل حال، أو مذهب فلان أولى بالحق بكل حال لأنه لا يخطئ، لا! هذا غلط! عليك أن تأخذ بالحق، وأن تتبع الحق إذا ظهر دليله ولو خالف فلانا أو فلانا، وعليك ألا تتعصب وتقلد تقليدًا أعمى بل تعرف للأئمة فضلهم وقدرهم، ولكن مع ذلك تحتاط لنفسك ودينك فتأخذ بالحق، وترضى به، وترشد إليه إذا طلب منك، وتخاف الله وتراقبه جل وعلا، وتنصف من نفسك مع إيمانك بأن الحق واحد، وأن المجتهدين إن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطؤوا فلهم أجر واحد - أعني: مجتهدي أهل السنة، أهل العلم والإيمان والهدى - كما صح بذلك الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " (١) اهـ.


(١) الدعوة إلى الله وأخلاق الدعاة (ص ٥٢ - ٥٤) .

<<  <   >  >>