للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما استنكر الناسُ بعض مسائل التوحيد، وعسرت على كثير من المسلمين السنن، وما نجمت البدعة، ولا شُيدت القباب والأضرحة إلا بسبب ترك الحديث عن العقيدة، والتي هي قطب رحى الأعمال، ومدار القبول، يقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ١١٦] (١) .

وقال تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة: ٧٢] (٢) .

وما تسلط العدو، ولا انقلب حال الدهر، ولا سُلب المسلمون عادة الظهور والقهر، وما بدل الله حالنا إلى ما نحن عليه؛ إلا بسبب ضياع العقيدة والتوحيد من نفوس المسلمين وواقعهم، وقيام رموز الوثنية، وانتشار المعالم الشركية، وغربة التوحيد وأهله.

فليكن الداعية إلى الله تعالى على حذر من التلبيسات الباطلة والشبه الباهتة، فنحن كما أننا مأمورون باتباع النبي صلى الله عليه وسلم في العقيدة والعبادة والسلوك، بل وفي قضايانا الاجتماعية، كذلك يجب علينا متابعته صلى الله عليه وسلم في منهجه في الدعوة إلى الله تعالى، وطريقته في التبليغ، وأن نبدأ بما بدأ به، وأن نركز على ما ركز عليه، وألا نجعل من منهج الدعوة إلى الله تعالى محلا للاجتهاد والأخذ والرد، ونُحدث لهذه الدعوة أصولا وقوانين جديدة من عند أنفسنا لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه رضوان الله تعالى عليهم، فنجعل من أمر التوحيد مثلا والدعوة إليه أمرا ثانويا فرعيا، ونزعم أن المصلحة تقتضي ذلك.

إن المصلحة الحقيقية كامنة في اتباعه صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [النور: ٥٤] (٣) .


(١) النساء: ١١٦.
(٢) المائدة: ٧٢.
(٣) النور: ٥٤.

<<  <   >  >>