للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن تأخر النصر على المسلمين، أو عدم استجابة المدعوين، أو مرور المسلمين بظرف ما، لا يسوغ أبدا إحداث أمر يخالف ما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم فقضية هداية التوفيق، أو نزول النصر والفتح، أو غير ذلك ليست إلينا، فنحن مأمورون بإحسان الطريق فقط، والنتائج ليست إلينا، ولا بأيدينا، إنما هي بيد الله تعالى القائل: {قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [الأنبياء: ١١٢] (١) .

وبسبب عدم فهم هذه القضية حق الفهم تفرق الناس طرفين ووسط، فذهب فريق إلى التواكل، وعدم العمل، والاتكاء على كلمة صدق وحق، ولكن أرادوا بها باطلًا، وهي أن الهداية بيد الله تعالى، وأنه مهما عملنا فمن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا، وهذا خلل كبير، وصاحبه على خطر عظيم، خاصة إذا كان ممن عناهم أمر الدعوة والتبليغ، فيخشى أن يضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ويلعنهم كما لعن من كان قبلهم.

يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: ٦٧] (٢) .

ويقول تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: ١٠٨] (٣) .

ويقول تعالى واصفا حال هذه الأمة: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: ١١٠] (٤) .

[قاعدة الغاية تبرر الوسيلة]

قاعدة الغاية تبرر الوسيلة: والفريق الآخر ذهب إلى استنفار جميع ما يمكن من وسائل وأساليب في سبيل الوصول إلى الغاية، بغض النظر عن حِل الوسيلة أو عدم جوازها،


(١) الأنبياء: ١١٢.
(٢) المائدة: ٦٧.
(٣) يوسف: ١٠٨.
(٤) آل عمران: ١١٠.

<<  <   >  >>