للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في هذا الوقت بالخصوص؛ وذلك لكثرة انتشار الأحاديث الضعيفة والمكذوبة، وكثرة المروجين لها، ناهيك عن التعصب لأقوال الرجال، ونصبها للانتصار، والموالاة والمعاداة عليها وترك سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وسنة أصحابه رضوان الله عليهم، فأصبح كثير من الناس سواء في المسائل العملية الفروعية أو في المسائل الفكرية والمنهجية يذكر من أقوال شيخه وإمامه أو من تأثر به من الأشخاص ويستدل بها أكثر من ذكره لسنة النبي صلى الله عليه وسلم واستدلاله بها، وبما قاله أصحابه رضي الله عنهم حتى أصبحت السنة مهجورة، وعندما تذكر فإنها تعرض باستحياء ووجل، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

[احتراز]

احتراز: ونحتاج - أيها الموفق - ونحن في غمرة الحث على التزام السنَّة، وحشد النصوص الكثيرة الآمرة باتباعها، وضرورة إشاعتها، ودعوة الناس إليها، إلى أن نتنبه وإياك إلى أن الدعوة إلى تطبيق السنة ينبغي أن تكون بالرفق واللين لا بالعنف والغلظة والمخاصمة. كلا!

فالواجب في حق الداعية إلى الله تعالى على بصيرة أن يُعرف الناس بالسنة، وأن ينشرها بقوله وعمله، وذلك من غير خصومة ولا عنف، وإنما بالتحبيب واللين خاصة إذا علمنا أن الناس قد ألفوا كثيرا من الأمور المخالفة للسنة، وهم على ذلك منذ عهد بعيد، يَشِبُّ عليها الصغير، ويهرم عليها الكبير، فكان من البصيرة أن تكون الدعوة إلى السنة باللين واللطف، وقد قرر هذا غير واحد من أهل السنة.

فقد سأل رجلٌ الإمام أحمد رحمه الله فقال: أكون في المجلس فتذكر فيه السنة لا يعرفها غيري أفأتكلم بها؟ فقال: أخبر بالسنة، ولا تخاصم عليها، فعاد عليه القول فقال: ما أراك إلا رجلا مخاصما.

وقال صالح ابن الإمام أحمد رحمه الله: سألت أبي عن رجل يبتلى بأرض ينكرون فيها رفع اليدين في الصلاة، وينسبونه إلى الرفض، إذا فعل ذلك هل يجوز له ترك الرفع؟ قال أبي: لا يترك، ولكن يداريهم.

<<  <   >  >>