للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - اختيار المتعلم: فمن البصيرة في هذا الباب احترام هذا العلم وعدم ابتذاله، فالداعية مع المتعلمين كالطبيب الحاذق، يضع دواءه حيث يعلم أنه ينفع، ولذلك كان أهل العلم يوصون بألا يُعلَّم من لا يستحق العلم، كما أنه لا يحرم من يستحقه إجلالًا لهذا العلم وتعظيما له.

يقول الشافعي رحمه الله:

ومن منح الجهال علما أضاعه ... ومن منع المستوجبين فقد ظلم

وقد قيل: ما كل تريبةٍ تحتمل القلائد، ولا كل ضريبةٍ تستحق الفوائد.

قيل لأبي سنان رحمه الله: تموت وتدخل علمك معك القبر! فقال: ذاك أحب إلي من أن أجعله في إناء سوء.

فعلى الداعية أن يكون حكيما في هذا الأمر، ولا يعطي العلم إلا من يستحقه، وليحذر من تعليم أهل الأهواء والبدع، وأهل الفسق والمجون، فإن مفاسد تعليمهم عظيمة، ومخاطرها جسيمة، وليتخير لعلمه.

[اختيار الفن المناسب للمتعلم]

٢ - اختيار الفن المناسب للمتعلم: فمن الحكمة أن يلتصق المعلمُ بالطالب، وأن يختار له الفن المناسب، وذلك بعد الاجتهاد في حاله، ومعرفة ما يحسنه، أو يكون الأنسب له.

فكثير من العلماء وطلاب العلم بعيدون عن طلابهم، غير سابرين لأغوار نفوسهم، ولا لمدى قدراتهم واستيعابهم، وقد يكون هذا الطالب من الحريصين على التعلم، ما يجعله لا يكاد يغيب يوما واحدا عن الدرس، لكنه لو كان في فن آخر كان خيرا له، فكان مما يوصى به العلماء تفقد الطلبة، والقرب منهم.

قيل: إن يونس كان يختلف إلى الخليل يتعلم منه العروض، فصعب

<<  <   >  >>