للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل إن الله تعالى جعل هذه القصص تثبيتا لقلب النبي صلى الله عليه وسلم وتسلية له أمام طوفان العداء والمكر والكيد الذي كان يواجهه من المشركين، وأيضا تذكرة للمؤمنين الذين هم على هذا الدرب العظيم، فقال تعالى: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} [هود: ١٢٠] (١) وقال تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} [يوسف: ٣] (٢) والقرآن مليء بقصص الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وأحوالهم مع أقوامهم، وحجم المعاناة التي لاقوها في سبيل الله تعالى، وكيف أن الله تعالى جعل العاقبة الحميدة لهم.

وأيضا قصص القرون الخالية من الأمم والشعوب الذين أصبحوا أثرا بعد عين، بعد أن طغوا في البلاد، وأكثروا فيها الفساد، وما أعطاهم الله من القوة والمنعة، وكيف دهمهم أمر الله، فلم تغن عنهم قوتهم ولا كيدهم شيئًا، وهكذا من القصص التي فيها الغنية عن كثير من القصص الواهية والمكذوبة.

وأكثر السور عرضا لهذه القصص: الأعراف، والتوبة، ويونس، وهود، ويوسف، والرعد، وإبراهيم، والحجر، والنحل، والإسراء، والكهف، ومريم، وطه، والأنبياء، والحج، والمؤمنون، والنور، والفرقان، والشعراء، والنمل، والقصص، والعنكبوت، والروم، ولقمان، والسجدة، والأحزاب، وسبأ، وفاطر، ويس، والصافات، وص، والزمر، وغافر، ونوح.

وهكذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل أسلوب القصص مع أصحابه، وقد كشفت لنا سيرته صلى الله عليه وسلم أنواعا من القصص، وألوانا من أحاديث مَنْ سبق مما أوحاه الله إليه، والتي كان يُذكر بها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، بعضها مطول، وبعضها موجز، تصف أحداثا عامة، أو حوادث فردية، وسلوكيات عامة


(١) هود: ١٢٠.
(٢) يوسف: ٣.

<<  <   >  >>