للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويشتاق إليها وإلى أمثالها، فيكون ذلك معونة له على الثبات على الطاعات (١) بل تكون عاقبته غالبا طلب الازدياد بخلاف ضده (٢) .

هذا الثبات على الطاعات يدعوه إلى أن يجود بنفسه حين يجد أنه قد تجاوز تلك الأوامر الشرعية وارتكب ما يوجب حدًّا من حدود الله، روى البخاري عن جابر بن عبد الله الأنصاري: «أن رجلًا من أسلم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثه أنه قد زنى، فشهد على نفسه أربع شهادات، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجم. .» . " (٣) .

، فانظر كيف أدّى به هذا الثبات إلى الإصرار على طلب التطهير بإقامة الحد عليه، ولم يرجع عن إقراره مع إمكان الرجوع (٤) ومما يدل على أن التدرج يؤدي بصاحبه إلى الازدياد ما رواه أصحاب السنن عن عمر رضي الله عنه قال: لما نزل تحريم الخمر قال عمر: «اللهم بيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فنزلت الآية التي في البقرة، فدعي عمر فقرئت عليه فقال عمر: اللهم بيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فنزلت الآية التي في النساء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: ٤٣] فدعي فقرئت عليه فقال: اللهم بيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فنزلت الآية التي في المائدة، فدعي عمر فقرئت عليه، فلما بلغ: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: ٩١] قال عمر: انتهينا انتهينا» (٥) وأريقت الخمر حتى جرت في سكك المدينة (٦) .


(١) السعدي، تيسير الكريم الرحمن ٢ / ٩٥.
(٢) ابن حجر، فتح الباري ١ / ٢٢٠.
(٣) البخاري، صحيح البخاري، كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة، باب رجم المحصن (ك ٩٠ ح ٦٤٢٩) ٢٤٩٨، ٢٤٩٩.
(٤) انظر: ابن حجر، فتح الباري ١٤ / ٨٤.
(٥) النسائي، سنن النسائي، كتاب الأشربة، ح ٥٥٤٠، ٨ / ٢٨٦، أحمد بن حنبل، المسند، ح ٣٧٨، ١ / ٦٤.
(٦) انظر: ابن كثير، تفسير القرآن العظيم ٢ / ٩٣.

<<  <   >  >>