للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر لذلك حكما عظيمة، وفي حنين أعجب المسلمون بكثرتهم وكانوا اثنى عشر ألفا فقال بعضهم: لن نغلب اليوم من قلة، فقال تعالى مخبرا عن ذلك: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ - ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ - ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: ٢٥ - ٢٧] والحكمة في ذلك أن يعلم العباد أن النصر من عند الله تعالى وأن الأسباب ليست وحدها هي الكافية في الانتصار ودحر الأعداء، خصوصا إذا افتخر العبد بها ونسي أن الأمور كلها بإذن الله، وإن العبد إذا وكل إلى قوته وكل إلى ضعف وعجز وعورة، أما التنازع والتفرق فهو أيضا من أسباب الهزيمة قال الله تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: ٤٦] فإذا كانت هذه الأمور الثلاثة من أسباب الهزيمة فإن الجنود المخلصين لا بد أن يتأملوا الأسباب، ومن أين حصلت هزيمتهم ثم ليسعوا في القضاء على الداء فتكون النتيجة خيرا ويكون المهزوم أوعى وأبعد نظرا مما كان قبل هزيمته، ويكون في الهزيمة من المصالح أضعاف أضعاف النصر يقول الله تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٢١٦] والإنسان قد يحب أن ينال شيئا من المال ويطمع في ذلك ثم يصرف عنه ولا يحصل له فيندم على ذلك، ولكن عندما يراجع نفسه يقول لعل الله صرفه عني لخير أراده لي فيزول ندمه ويطمئن قلبه. ففوات المحبوب أيها المسلم قد يكون خيرا لك كما أن حصول المكروه قد تكون عاقبته خيرا، والله تعالى يقدر هذا وهذا، فمن وفق للرضا بقضاء الله وقدره نال الخير والطمأنينة وراحة البدن، ومن فكر وقدر واعترض على القضاء ولم يرض فذلك القلق الهالك.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق: ١٢]

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. . إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>