للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه ثم ليرفعه إلى من فوقه إن كان في ذلك مصلحة وإزالة للظلم، كما كان السلف الصالح يشكون ولاتهم إلى من فوقهم إذا رأوهم قد سلكوا ما لا ينبغي أن يسلكوه.

أيها المسلمون: هذا ما نراه واجبا على الرعية من حقوق رعاتهم وولاتهم. أما ما يجب على الرعاة والولاة للرعية فأمر عظيم ومسؤولية كبرى، يجب عليهم أولا إخلاص النية لله، بأن يقصدوا بتصرفاتهم وتدبيراتهم تنفيذ أحكام الله وإقامة العدل وإزالة الظلم وتطبيق ذلك بحسب استطاعتهم، ويجب عليهم أيضا أن لا يظلموا الناس لا في دمائهم ولا في أموالهم ولا في أعراضهم، وأن لا يستعملوا سلطتهم في تنفيذ أهوائهم وإشباع رغباتهم بلا حق فإنهم مسؤولون عن ذلك، وما يدريهم لعل سلطتهم تزول في الدنيا قبل الموت فيلحقهم من الذل والإهانة بسبب ظلمهم واستطالتهم على الخلق ما هم به جديرون وله مستحقون، ويجب على الولاة أيضا أن يسووا بين الخلق في إقامة الحق، فلا يحابوا قريبا لقرابته ولا وجيها لجاهه ولا صاحب دنيا لدنياه، فإن الناس في الحق سواء، فلقد «أقسم محمد صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق أنه لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع يدها» .

أيها الولاة، وأيها الرعية، اتقوا الله تعالى في أنفسكم وفي مجتمعكم وأدوا ما أوجب الله عليكم، فإنكم إذا فعلتم ذلك استتب الأمن وحصل التجاوب والاتحاد والمحبة، وإن فرطتم في ذلك سلط الله بعضكم على بعض، فتسلط الولاة على الرعية بأنواع الظلم وإهمال الحقوق، وتسلطت الرعية على الولاة بالمخالفة والعصيان والسب والبغض وانتشار الفوضى واعتزاز كل ذي رأي برأيه وإعجابه به، فلا ينضبط للناس أمر ولا يصلح لهم حال.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: ٥٩]

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. . . إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>