للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به شريعة حكيمة عادلة ولا عقل سليم، فمن أوصى بوقف ثلثه على أولاده أو ذريته دون غيرهم من بقية الورثة فإن هذه وصية جائرة يجب عليه إبطالها والرجوع عنها وإن كان قد كتبها وأشهد عليها. يا سبحان الله، ماذا يستفيده من هذا التخصيص؟ قد يكون هذا التخصيص مع كونه معصية لله تعالى مصدر تعب ومشقة على الذرية أنفسهم، ولو كان المال الموقف حرا لهم أو بعيدا عنهم لكان أريح لهم وأسلم لذمتهم وذمة الموقف، يا سبحان الله، كيف يوصي الإنسان بعد موته ومفارقته الدنيا بمعصية الله ورسوله؟ وما أدري ماذا يواجه به ربه بعد موته إذا سأله عن ماله فيما أنفقه؟ نعم إن الجواب أن يقول أوصيت بوقفه أو وقف ثلثه على بعض الورثة، وهذا هو التعدي لحدود الله وعدم الرضا بفرائض الله وتقسيمه. فاتقوا الله أيها المؤمنون وارجعوا إلى الحق ما دمتم في زمن الإمهال قبل أن تتحسروا على ما فات منكم فيما صرفتم من المال. أيها الناس، قد يظن بعضكم إني أنهى عن الوقف بكل حال، ولكن ليس الأمر كذلك، وإنما أنهى عن وقف يتضمن الحيف والوصية لبعض الورثة دون بعض، أما الوقف العادل الذي يبتغي به وجه الله فلا أنهى عنه ولا غيري ينهى عنه اللهم إلا أن يكون مفضيا حتما أو غالبا لمفاسد أكبر من مصالحه، ولكن إذا جعل الإنسان وقفه على المساجد أو على مكاتب علم أو الفقراء أو المصالح العمومية أو الأقربين عموما أو تصدق بشيء من ماله في حياته في أمر يجري له بعد موته، فكل هذا إن شاء الله خير ومصلحة وبر. أيها الناس، أصدقوا العزيمة وتغلبوا على أنفسكم بتصحيح وصاياكم وتطبيقها على شرع الله ورسوله ولا تتصرفوا فيها تصرفا يكون وبالا عليكم وأنتم ولله الحمد في سعة من ذلك. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: ١٨٢]

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. . . إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>