للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فستكون النتيجة وخيمة، تكثر المعاصي ويظهر الفسوق وتحل العقوبات، نعوذ بالله من ذلك.

أيها المسلمون: إن واقع الناس لا يخلو من أربع حالات:

أحدها: أن يقوى الإيمان ويقوى السلطان وهذه أكمل الأحوال وأحسنها. فبقوة الإيمان تحصل تقوى الله وخشيته في السر والعلانية، ويمتنع الناس من المعاصي عن رغبة في ثواب الآخرة وخوف من الله عز وجل. ولو قدر أن أحدا سولت له نفسه بمعصية يوما من الأيام لذكر قوة السلطان فرجع عما هم به وارتدع.

الحال الثانية: أن يقوى الإيمان ويضعف السلطان وهذه أقل درجة من الأولى وأضعف، فإنه ربما لا يرتدع عن المعصية من سولت له نفسه فعلها يوما من الأيام إذا علم أن السلطان ضعيف، ولكن يحصل بهذه الحال خشية الله سرا وعلنا ورجاء ثواب الآخرة وهذه فائدة كبيرة.

الحال الثالثة: أن يضعف الإيمان ويقوى السلطان وهذه أضعف بكثير مما قبلها، فإنها لا تمنع من فعل المعاصي سرا ولكن تمنع من المجاهرة بالمعصية خوفا من السلطان، فإن ضعيف الإيمان إذا علم أنه إذا علم به أدب تأديبا صارما يردعه فإنه يمتنع عن المجاهرة بالمعصية ويكون خائفا.

الحال الرابعة: أن يضعف الإيمان ويضعف السلطان فهذه أخطر الحالات على المجتمع وشرها، فلا إيمان يمنع عن المعاصي سرا ولا سلطان يردع عن المعاصي جهرا، وإذا كان الناس بهذه الحال ضعف إيمان وضعف سلطان كثرت المعاصي وانتشرت وأسرت وأعلنت فلا حول ولا قوة إلا بالله. ولقد كان من سياسة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه إذا رأى ضعف الإيمان في القلوب وكثرة ارتكاب الناس للمعصية زاد في تعزيرهم وعقوبتهم فيما ليس فيه عقوبة محدودة شرعا، وهذا كمال السياسة لمصالح العباد.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [لقمان: ٣٣]

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. . . إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>