للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمنزلة المجانين ثم هو بعد ذلك يضعف العقل وربما أدى إلى الجنون الدائم. ومن مضاره إيقاع العداوة والبغضاء بين شاربيه وبينهم وبين من يتصل بهم من المعاشرين والمعاملين لأن قلوب أهل الخمر معلقة به، فهم في ضيق وغم لا يفرحون ولا يسرون بشيء إلا بالاجتماع عليه كل كلمة تثيرهم وكل عمل يضجرهم. ومن مضاره قتل المعنويات والأخلاق الفاضلة وأنه يغري صاحبه بالزنا واللواط وكبائر الإثم والفواحش، فصلوات الله وسلامه على من سماه أم الخبائث ومفتاح كل شر. ومن مضاره أنه يستهلك الأموال ويستنفد الثروات حتى يدع الغني فقيرا وربما بلغت به الحال أن يبيع عرضه أو عرض حرمه للحصول عليه، ولقد كانت الدول الكافرة المتحضرة تحاربه أشد المحاربة وتكون الجمعيات العديدة للتحذير منه والسعي في منع المجتمع منه لما علموا فيه من المضار الخلقية والاجتماعية والمالية. وقد سبقهم الإسلام إلى ذلك فحذر منه غاية التحذير ورتب عليه من العقوبات الدنيوية والأخروية ما هو معلوم لعامة المسلمين حتى جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا سكر فاجلدوه ثم إن سكر فاجلدوه ثم إن سكر فاجلدوه فإن عاد في الرابعة فاقتلوه» وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم حين حرمت الخمر أن تراق في الأسواق وتكسر أوانيها، وحرق أمير المؤمنين عمر بيت رجل يقال له رويشد كان يبيع الخمر وقال له: أنت فويسق ولست برويشد. والحشيش من الخمر بل هو أخبث منه من جهة إفساد العقل والمزاج وفقد المروءة والرجولة، فإن متعاطيها تظهر عليه علامات التخنث والدياثة على نفسه حتى تنحط غريزته الجنسية إلى طبع أقبح من طبع النساء. وهذه المضار التي ذكرناها وما هو أكثر منها، منها ما هو ظاهر ومنها ما يظهر سريعا ومنها ما يتأخر، وأعظم من ذلك عقوبة الآخرة التي لا فكاك منها إلا بالتوبة إلى الله والرجوع إليه. جنبني الله وإياكم منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء والأدواء ووفقنا للتوبة النصوح والرجوع إليه وعافانا من البلاء. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ - إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ - وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [المائدة: ٩٠ - ٩٢]

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>