للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخروج فقالوا: إنه لا ينجيكم منها إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فقال أحدهم: اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران فنأى بي طلب الشجر فتأخرت حتى ناما، فكرهت أن أوقظهما فانتظرت استيقاظهما حتى طلع الفجر والصبية يتضاغون عند قدمي حتى استيقظ أبواي فشربا غبوقهما، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة قليلا. فقال الثاني: اللهم إنه كانت لي ابنة عم أحبها حبا شديدا فأردتها عن نفسها فامتنعت حتى ألجأتها الضرورة سنة من السنين فجاءتني فأعطيتها مئة وعشرين دينارا على أن تخلي بيني وبين نفسها ففعلت، فلما قعدت بين رجليها قالت: اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فانصرفت عنها وهي أحب الناس إلي وتركت الذهب الذي أعطيتها، اللهم إن كنت فعلت ذلك لأجلك فأفرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة قليلا إلا أنهم لا يستطيعون الخروج. فقال الثالث: اللهم إني استأجرت أجراء فأعطيتهم أجرهم إلا واحدا ترك أجره وذهب، فثمرت له أجره حتى نما وكثرت منه الأموال فجاءني بعد حين فقال: يا عبد الله أعطني أجري، فقلت: كل ما ترى من الإبل والبقر والغنم والرقيق فهو أجرك، فقال: يا عبد الله لا تستهزئ بي، فقلت له: لا أستهزئ بك، فأخذه كله ولم يترك منه شيئا، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة وخرجوا يمشون» .

وهكذا ينجي الله المتقين بمفازتهم في هذه الدنيا وينجيهم من مفاوز يوم القيامة وأهوالها ومن عذاب الجحيم وسمومها قال الله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا - ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} [مريم: ٧١ - ٧٢] بكى عبد الله بن رواحة - رضي الله عنه - وكان مريضا فقيل: ما يبكيك؟ فقال: ذكرت قول الله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: ٧١] فلا أدري أنجو منها أم لا. وكان أبو ميسرة إذا أوى إلى فراشه بكى ويقول: أخبرنا أنا واردوها ولم نخبر أنا صادرون عنها، اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا أن تنجينا من النار وأن تلحقنا بالمتقين الأبرار وأن تنجينا من مفاوز الدنيا والآخرة يا كريم يا جواد اللهم صل وسلم على نبينا محمد وآله وأصحابه أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>