للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير فبعث الله تعالى ذلك الرجل وأراه طعامه وشرابه لم يتغير مع طول هذه المدة وأراه الحمار فنظر إلى عظامه المتفرقة في الأرض يركب بعضها بعضا كل عظم في محله ويكسوها الله تعالى لحما وفي هذا يقول الله تعالى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: ٢٥٩]

والقصة الخامسة في إبراهيم الخليل حين سأل الله تعالى أن يريه كيف يحيي الموتى فأمره الله تعالى أن يأخذ أربعة من الطير فيقطعهن أجزاء فيفرقها على الجبال التي حوله على كل جبل جزءا من هذه الطيور ثم يناديهن وحينئذ تلتئم هذه الأجزاء المفرقة في الجبال بعضها إلى بعض ويأتين إلى إبراهيم مشيا لا طيرانا وفي هذا يقول الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: ٢٦٠]

هذه النماذج من إحياء الله تعالى الموتى في الدنيا آيات على البعث يوم القيامة وما أهون ذلك على الله عز وجل قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم: ٢٧]- {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [لقمان: ٢٨]- {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ} [الصافات: ١٩]- {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [يس: ٥٣]- {وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [النحل: ٧٧]

فسبحانه من إله عليم قادر زجرة واحدة يخرج بها الناس أحياء من قبورهم ذكورا وإناثا كبارا وصغارا لا يتخلف منهم أحد في مثل لمح البصر أو هو أقرب وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا.

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك وارزقنا الاتعاظ بذلك وارزقنا الانتفاع بما أنزلت من وحيك وما قدرته من قضائك واغفر لنا وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>