للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلق الأول فتقرر بهذا قدرته تعالى على البعث بالأدلة العقلية والحسية.

ثم بين الله في هذه السورة حال الإنسان من أول خلقه وعلم الله سبحانه بتلك الحال وقربه منه وأنه سبحانه يعلم ما توسوس به نفس الإنسان فضلا عما يعمله ويظهره {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: ١٦] وبين الله تعالى أن مع كل إنسان ملكين يتلقيان ما يعمله من قول أو فعل {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ - مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: ١٧ - ١٨] رقيب حاضر يكتب كل ما يلفظ به وكل ما يفعله ونهاية هذا الإنسان فراق دار العمل إلى دار الآخرة فراق الدنيا إلى الآخرة.

: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} [ق: ١٩] إنها سكرة فراق الأهل إنها سكرة فراق المال إنها سكرة فراق الدار، الدار التي ألفها منذ خروجه من بطن أمه إنها سكرة فراق العمل الذي كان يؤمله ويتمناه لا أقول العمل من أجل الدنيا التي هو حينذاك مودع لها ولكنه العمل من أجل الآخرة التي هو حينذاك مستقبل لها: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ - لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون: ٩٩ - ١٠٠]

إنها سكرة الموت بالحق لا سكرة الهوى ولا سكرة الخمر واللذة: {ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} [ق: ١٩] وتهرب ولكن لا مفر من الموت ولا مهرب: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} [الجمعة: ٨] إنه ملاقيكم من أمامكم وهل يمكن أن تفر مما هو ملاق لك؟ ثم يبين الله تعالى في هذه السورة حال يوم القيامة يوم الحساب والجزاء.

: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ - وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ - لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا} [ق: ٢٠ - ٢٢] في الدنيا نسيت يوم القيامة وغفلت عنه حتى فاجأك: {فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [ق: ٢٢] وفي ذلك اليوم تحضر الأعمال ويجازى العامل ويلقى في جهنم كل كفار عنيد مناع للخير معتد مريب الذي جعل مع الله آلها آخرا: {فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ} [ق: ٢٦] وفي ذلك اليوم تقرب الجنة للمتقين غير بعيد يسكنها كل من خشي الرحمن بالغيب وجاب بقلب منيب.

فيا عباد الله اتقوا الله تعالى اعملوا لذلك اليوم واستعدوا له فإنه اليوم الذي يحق لكل عاقل أن يعمل له ولكل حلزم أن يستعد له.

وفقني الله وإياكم لاغتنام الأوقات والسعي في الأعمال الصالحات واجتناب الخطايا والسيئات إنه قريب مجيب الدعوات.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم. . الخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>