للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة، فمن تركها، فقد كفر» . وقال عبد الله بن شقيق كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة. وهذا الكفر الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم، ورآه الصحابة رضي الله عنهم ليس كفر نعمة كما قال بعضهم، ولا أنه خصلة من خصال الكفر كما قاله آخرون، ولكنه الكفر الأكبر المخرج عن دين الإسلام. فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال الكفر. قال شيخ الإسلام ابن تيمية وفرق بين (الكفر) المعرف باللام يعني الدال على الكفر المطلق وبين (كفر) المنكر في الإثبات. ولنا دليل مركب من دليلين على أن تارك الصلاة كافر كفرا أكبر مخرجا عن الملة هو أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن منازعة ولاة الأمور أمرهم قال: «إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان» . وقال صلى الله عليه وسلم: «شرار أئمتكم الذين تبغضونهم، ويبغضونكم، قالوا يا رسول الله: أفلا ننابذهم بالسيف؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة» . ومن هذين الدليلين نأخذ أن ترك الصلاة يبيح منابذة الأئمة، فيكون كفرا بواحا. فترك الصلاة ردة عن الإسلام، وكفر بالله والردة عن الإسلام لها أحكام في الدنيا وأحكام في الآخرة. أما أحكام الدنيا، فإن المرتد ينفسخ نكاحه من زوجته، وتحل لغيره، ويكون استمتاعه بها استمتاعا بامرأة أجنبية منه وأولاده منها بعد ردته ليسوا أولادا شرعيين، ويجب قتله إذا استمر على ردته، ولا يغسل؛ لأنه لا يطهره الماء، وهو كافر، ولا يصلى عليه، ولا يستغفر له، ولا يدعى له بالرحمة، ولا يدفن مع المسلمين، ويكون ماله في بيت مال المسلمين لا يرثه أقاربه، وأما أحكام الآخرة، فإنه يحرمك دخول الجنة، ويدخل النار خالدا فيها أبدا.

فاتقوا الله عباد الله، وحافظوا على صلواتكم، فماذا يبقى من دينكم إذا ضيعتموها، فإن آخر ما تفقدون من دينكم الصلاة. قال الإمام أحمد: كل شيء ذهب آخره لم يبق منه شيء.

اللهم اجعلنا مقيمي الصلاة، ومن علينا بالتوفيق لما تحب، وترضى يا جزيل الهبات، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين إنك أنت الغفور الرحيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>